على جدولٍ رقراق .. ينسابُ شِعْري
خلفان بن ناصر الرواحي
أيُّها الجِيلُ
المُعاصر:
هلْ عرفتُمْ
كيفَ نَمضي؟
كيفَ أنتمْ؟
كيفَ نَحنُ؟
وكيفَ كانتْ
تِلكَ السَّواقي
علاماتٍ شَواهِدْ!
شُيِّدتْ جُدراناً
بنَظمٍ
أو عُلِّقتْ
كَمِثلِ حدائق
بابلْ
في جَمالٍ متناهٍ
وسْط صخر ٍ
شُقَّ وادي
في انسيابٍ بَديعٍ
زانَها حُسْنٌ
خَرير المِياهِ
لمْ تَكن أنهارًا
لِتجري
بينَ ضِفَّتَي الوادي
العَصيبْ
كانتِ الأجدادُ
تَكدحْ
مِعولًا يَبني
ويصبِرْ
تمضي بِهمْ
رُوحُ التَّفاني
حيثُ الماء
كانتْ لتبحثَ
عن كلأٍ كريمٍ
لِتَحيا
كانتِ الأجدادُ
تعرف
كيفَ آفاق
الثُّريّا
كيفَ آمال
البقاءْ
كيفَ طُهر
النَّفس أنقى
تعلمُ سِرّ الحياة
لا تنتهي
ما دامت لتقوى
تستسلمُ الأرضُ
لهُم طَوعًا
فتَركع
وينحني لَهمُ
الحجرُ الأصَمُّ إجلالًا، فيصدع
تحتَ وطأةِ
الأقدام صَبرًا
تُشَقّ
قنواتُ السواقي
أيُّها الجِيلُ
المُعاصِر:
هلْ عرفتُم
كيفَ كانوا؟
وكيفَ نحنُ؟
وكيفَ أنتمْ؟
أمْ كيفَ تلكَ
الأفلاج تجري؟
كَمِثل دورانِ أفلاكٍ
تدور
قُسمت -آثارٌ- بِظلٍّ
بمقاساتٍ كانتْ
رَواسي
بِطُلوع نَجمٍ
أو غروبه
فمنْ عَلَّم الأجدادَ
دَورانَ الكواكبْ؟
وكيف كانتْ
تلكَ المواهبْ؟
سَطّروا بهِ
مَجدًا ليَحيوا
باقِيًا يحكي حضارة
شاهِدًا وسوفَ يبقى
فلْنَسألِ التاريخ
عنهمْ
فآهٍ
أيُّها التاريخُ
ثُمَّ آهٍ
كيفَ غدَتْ أحلامًا
سرابًا!
فماتَ الظِّلُ
وماتتْ ثُريّا
أيُّها الجِيلُ
المعاصِر:
عُذرًا
لا تلُمْني كيفَ أسأل!
فلَسْتُ بمَنأً
عن كِفاحٍ
نَلوم الدَّهر
ونحنُ الدّهر
فلا تلُمْني كيفَ
أسأل!
فصبرًا يا خريرَ
الماءِ صبرًا
سوفَ تعودُ
الآمال
نَهرًا
يطوفُ بِنا
بين الضَّواحي
وأنّ الفجْر
إشراقًا ونُوراً
يعودُ الزّهرُ
والأفلاج تجري
خريرُ الماءِ
صَدّاحٌ يُغنّي
بِلَحنِ الصبرِ
والطينُ يُنْشِدْ
أيُّها الجِيلُ
المعاصِر:
هلْ عَرفتَ
كيفَ أنت؟
وكيفَ نحن!
فلنكُنْ
معولًا لنبني
نَشُقّ الصّخر
أنهارًا لتجري
تعود لنا
الآمالُ تُسقي
نُعيدُ الأرضَ
آمالًا لتعطي
نعيدُ بِها ذِكرى
لِنتلوا حكايات
الأصيل
ونرسُم حِينها
ما شقّت الأجداد
بميلادٍ جديدٍ
أيّها الجِيل
المعاصِر:
قُمْ نزرع الأرضَ
نخيلًا باسقاتٍ
ليأكُلَ الأبناء
كما زرعوا
وأكَلنا
نزرع البستانَ
أصنافًا فواكه
تتشابكُ الأغصان
جنّاتٍ ظِلالْ
نزرعُ الجَنّات
بينَ سواقيها
وُرودًا
لتزهو الألوان
بفراشاتِ الصَّباح
وتُعانِق السّماء
الأرض بقطراتٍ
فَتَنْدى
فتتَنفّسُ الأرواحُ
شَوقًا حنيناً
ونستوحي
جَمالَ الأرضِ عِطرًا
على زَرعٍ وَطِين
لألقَى سُكونَ
النَّفْسِ فيها
وعلى جَدولٍ رقْراقٍ
ينسابُ شِعْري