أحمد بن سالم الفلاحي
shialoom@gmail.com
كثيرا ما تذكر القلوب على أنها القادرة على ضم مكنونات النفس، وعلى أنها المتموضعة على
كل ما خفي عن اآلخرين، وعلى أنها الوحيدة التي تحمل الكره والحب في آن واحد، وعلى أنها
الوحيدة إن حزنت حزن الجسد كله، وإن سعدت سعد الجسد كله، هي المحور الفاصل لما
تتعاطى به مع اآلخرين من حولك، فإن ضمهم قلبك، فقد يعيشون في جنتك، وإن لفظهم قلبك
عاشوا في جحيمك، كما قال الشاعر نزار قباني: أنا اقرر من سيدخل جنتي، وأنا أقرر من
سيدخل ناري”، ونار قباني وجنته ليستا النار والجنة التي نعرفهما في واقع الحياة، وانما كرهه
ورضاه عن اآلخر، ومع ذلك فقد يكره أحدنا آخر، ويتعاطى معه وكأنه احد أحبائه القريبين،
ولكن العكس ال يمكن أن يحدث، وهو أن يحب احدنا اآلخر، ويظهر له الكره، وهذا يدل على
أن قانون الحياة ينتصر للحب أكثر ما ينتصر للكره، والذين يغالون في كره اآلخر، ال شك انهم
يعانون من أمراض نفسية، وليس ذلك فقط، فهذا العضو موكول عليه اكبر مهمة في تاريخ
البشرية، وهي مهمة الصالح والتقوى، ولنا في نص الحديث الشريف العبرة والعظة، ففيما
َحْتَصلَيروى عن الرسول صلى هللا عليه وسلم قوله:َح
َصلَ
َذا
ِ
إ
َجَسِد مْضغَةً
ْ
َّنفِىال
ِ
َالَوإ
أ
ب”
ْ
قَل
ْ
َالَوِهىال
ه ،أ
ُّ
َجَس د كل
ْ
َسَدال
َسَدْتفَ
َذافَ
ِ
َوإ
ه ،
ُّ
َجَس د كل
ْ
ال. رواه البخاري في صحيحه)كتاب
اإليمان(.
.
وفيما يروىعن عمر بن الخطاب قوله: “لو اطلعالناس على ما في قلوب بعضهم البعض لما
تصافحوا اال بالسيوف”، وهذا من فرط ما يظهره هؤالء اآلخرون من حب، وما يخفونه من
كره، وعلى هذا القلب ان يعيش هذا التناقض الكبير، وهذا االنفصامالشديد في حساسية هذه
العالقة مع اآلخر، وخاصة بين أي شخصين تربطهما عالقة عاطفية، على سبيل المثال، فما
يحدث من تنازالت بين الزوجين، وهما األقرب الى المثل، شيء يعكس أن الحياة له وجه
واحد، وهو الحب، وأن قلبيهما كبيران الى حد موازاة الجسد من كثرة ما يتحمل حالةالتناقض
هذه، ففي مواطن الحب يظهر الحب، وفي مواطن الكره يظهر الحب، فأي قلب هذا يعيش بهذا
الصمود لعشرات السنين، فأكرم به من قلب، وأنعم به من مضح في سبيل بقاء عالقات كتب
لها البقاء “ولو على رؤوس الرماح” كما يقال.Page 1 of 2
