الأثنين: 6 يناير 2025م - العدد رقم 2375
Adsense
مقالات صحفية

لطائفه تجري ونحن لا ندري…

خلفان بن ناصر الرواحي

نعم، نحن لا ندري في هذه الدنيا ما تجري به علينا الأقدار وإن كنا نسعى ونجتهد ونحلم ونطمح؛ فكل ذلك مرهون بما تجري به لطائف الله تعالى، فما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا.

قد نتعجل في كثير من الأحيان في الحكم على أنفسنا وعلى الآخرين، وفي الحكم على حظنا في مجريات الحياة اليومية والأحداث المتعلقة بها، ويطغى علينا في كثير منها النظرة السلبية والسوداوية القاسية، والتي قد تكون سبباً وراء عدم الثقة بالنفس وعدم القدرة على الصبر أو التعامل مع المواقف بحكمة ورويّة، أو ربما تكون أقسى من ذلك بكثير على صاحبها؛ وذلك لأن البشر بطبعهم جُبلوا على حب الشهوات من المال والولد والثروات وغيرها من الأمور المادية المتعلقة بزهوة الحياة، أو ربما ساقهم الجهل وضعف الإيمان بالله تعالى، أو أنهم قد استسلموا لوساوس الخوف والقلق من بعض ظروف الحياة الصعبة التي يعيشونها، وكذلك قد يكون مبدأ المقارنة لما عند غيرهم وعدم القناعة بما عندهم سبباً أيضاً لعدم قدرتهم على التحمل وعدم الصبر؛ حيث قال تعالى في كتابه العزيز في سورة الإسراء، آية: (11):{ وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا}، وقوله في سورة الأنبياء: { خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ…
(37)}، وفي سورة النساء: {…وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا (28)}، وهناك الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة ما تكفي للاستدلال بها على ذلك كله.

إنَّ مفهوم القضاء والقدر عند كثير منا يفسره وفق منهجه الخاص الذي يراه من منظوره الخاص، أو ربما يكون مما ورثه من البيئة الاجتماعية التي تربى في كنفها وهي جاهلة بما يقتضيه المفهوم الصحيح لمنهج الحياة التي جعلها الله تعالى لنا، ودبر أمرها سبحانه، وسخّر لنا ما يعيننا على تدبير أمور الحياة، وتسير عليها الأقدار إلى نتائج سلبية كانت أم إيجابية. يقول تعالى في سورة البلد، آية (10): {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}, ويقول في سورة الزلزلة: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه ۝ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه}- [الزلزلة:7، 8]. وقوله تعالى المدثر:{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38)}.

نعم، قد يكون للمرء هدف معين يسعى مجاهداً إلى تحقيقه؛ إلا أن القدر تكون نتائجه سيئة أو غير ما يتوقع، ويتحسر على حظه، ولا يعلم أن قضاء الله تعالى كان له خيراً مما كان يريد أن يفعله، وقد يتحقق أحياناً ولكنه قد يكون سبباً مباشراً في عدم راحته، أو قد تكون نتائجه تسلب منه شيئاً آخر كان أحب إليه من غيره؛ فهنا علينا أن نتذكر دائماً وأبداً أن لطائفه سبحانه وتعالى تجري ونحن لا ندري.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights