عفراء المياحية
العزيزة، أم أحمد..
تحية صدق و ورد ، وبعد ..
أدعوا الله أن تكوني بأفضل حال مع ذاتك وأفكارك.
وأدعوا الله أن يفتحَ لكِ طريق الخير والعافية بإذن الله.
وددتُ اللقاء بك منذ زمن طويل، ولكن لظروف الزمان والمكان لم أستطع، فأعتذر عن تقصيري الطويل!
*بداية*،،
أعلمُ بأنك مُزدحمة بالأفكار والأسئلة، وقلبك ممتلئ بالمشاعر الزائدة، وأنك تبكين كثيرا لأنكِ لا تجدين جوابا لكل شي؛ فتظلي حائرة بين هذا وذاك، لكن لتعلمي، أن الزمن وحده من يُعطي الجواب، ويُداوي الجروح، فلتكوني من الصابرين. هي الحياة عديمة الشفقة لأصحابها، ستشعرين وكأنك تفقدين أجمل مرحلة من حياتك، و رُبما قد راودك الشعور منذ زمن بسبب ما أصابك. رُبما ستندمين على بعض الأشياء وتلومين نفسك مرارا وتكرارا، لكن لا داعي أن تؤلمي نفسك أكثر، فلا يوجد في الحياة ما يُدعى بالندم، ولاتوجد خيارات خاطئة ولا حتى صائبة، يُوجد في الحياة ما يُدعى بالصبر على كل طريق تم اختياره برغبة أو لا، يوجد ما يُدعى بالتأقلم والتكيّف، وتحمّل مسؤولية ما أعطاني الله به، فالخيرة فيما اختارها الله لنا جميعا.
أعلم أنك تقولين الآن، لماذا الحياة اختارت أن تعبث معي أنا من بين الأنام، وأعلمُ أنّ قلبك مُخاصما لها، لكن اعلمي يقينا، أنّ الله من تكرّم وأعطاك هذا الهم، وهو القادر على شفائك، فالمؤمن القوي، يستهينُ بكل الصعاب؛ لأنه يتوكل على الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم.
” وكل شي خلقناه بقدر” فالله وحده من يعلم مقدار طاقة تحملك لألم ما، لحزن ما، لغصة ما، وحده من يعلم طاقة حزنك، وطاقة فرحك، فلا يكّلف العبد ما لاطاقة له به، واعلمي أنّ كل آآآه ما هي سوى اشارة على أنك قوية لأبعد الحدود – والحمدلله-
يا أم أحمد :
أتعلمين ما معنى اسمك “عايدة” ؟
بحثتُ عنه فوجدتُ معناه ” المعروف”، وبالإيطالية تعني ” السعادة ” ، أمّا في اليابانية، “المطر عبر الحقول”. كل معاني اسمك جميلة، وكل شي يدور حولك أجمل يا جميلة، لا عليك الآن سوى أن تحافظي على جمالك المائي الذي يمطرُ عبر الحقول فيرويها حبا ونغما وزهرا وأملا.
يا واحة جميلة:
مع مرور الأيام سوف تشعرين أنك وحيدة، وسوف تبكين في اليوم أكثر من مرة، لذلك اجبري نفسك على أن تكوني أكثر صلابة من أي وقت مضى، فالكل مشغول في توفير الحياة الكريمة له ولعائلته، وغارق في هموم يومه، ومُتعب من الروتين اليومي المتكرر، ومن الإزدحام المروري، فرؤية الوجوه الجديدة، والمشاكل الجديدة، والأخبار الجدبدة، ستجعل عقله في غفلة قليلا عنكِ، – لكن – لا بأس، كوني صديقة لوحدتك، عانقي نفسك ودوائك بالحمد والشكر، ويقينا بالشفاء العاجل، بالتأكيد سيجد الماء مجراه قريبا، وسسيتسهل أمرك بإذن الله، فقد قال عُمر بن الخطاب “خذوا بنصيبكم من العزلة”.
صدقيني يوجد بداية جديدة وجميلة ومشوقة لكل شي، حتى بكاء الطفل يُعني أنّ هناك بداية لضحكة جديدة، -بإذن الله- لن يضيع اللهَ أي دُعاء لكِ سدى، فدوام الحال من المحال، اجمعي قوتك وستجدين الطمأنينة في دعائك، فالقلب الصافي يحصد ما يزرع من قوة وحب ورحمة وصبر؛ فاسترجعي أحلامك الجريئة الغالية على قلبك، فالله لن يتخلى عنك، طالما لن تتخلي عن ذكره، وحبه وحسن عبادته.
هي رحلة الحياة شاقة جدا، ولكن حاولي أن تضعي حياتك في الطريق الصحيح، واصنعي معبرا لأحلامك، واحترمي الحياة مهما قُدّرَ لك ، وقدري لحظاتها، حينها صدقيني، ستكون الرحلة لطيفة معك مهما اشتد وجعك، وستضعين أجمل النغمات والموسيقى الجميلة على طريقك.
اخيرا،،
“ثمة أمور يا حبيبتي لا يحميها القانون، ولا الطب الدوائي، ولا كثرة المال، ولا حتى لمة الأهل والأحباب، من يحميها الثقة بالنفس، والدعاء والصبر والسجود والصلاة على النبي”.
أعلمُ أنك الآن سعيدة ومتألمة في الوقت نفسه، ولكن لٌطفا، انظري للجانب الألمع في حياتك.
ابتسمي فورا عزيزتي،،
وامضِ طريقك بحبٍ وتفان، والله الموفق..
