المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عُمان (بين الريادة والتحديات المستقبلية)
د. محمد بن أحمد البرواني
محمد للاستشارات والتدريب
mhmdtrain@gmail.com
تُعدُّ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) ركيزة أساسية في تنمية الاقتصاد الوطني في سلطنة عُمان، حيث تلعب دورًا محوريًا في توفير فرص العمل وتعزيز التنويع الاقتصادي. ومع إطلاق الحكومة رؤية “عُمان 2040″، أصبح تعزيز ريادة الأعمال ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من الأولويات الوطنية، وتساهم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنسبة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان -وفقًا للإحصائيات الرسمية-؛ حيث تشكل هذه المؤسسات نسبة عالية من إجمالي الشركات المسجلة، وتوفر فرص عمل متنوعة لعدد كبير من السكان. كما أطلقت سلطنة عُمان العديد من المبادرات لدعم هذا القطاع، مثل “صندوق الرفد”، وبرنامج “ريادة”، وغيرها من الحاضنات التي تركز على تطوير المهارات وتقديم التمويل.
وبالرغم من الدعم الحكومي، تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عُمان تحديات متعددة، من بينها
التمويل: فعلى الرغم من وجود التمويل في القروض الصغيرة، حيث يصل إلى خمسة عشر ألف ريال عُماني بدون فوائد، ووجود بعض المتطلبات في القروض الأعلى؛ إلا أن هذا التمويل والدعم يفضل أن يكون في إعطاء المؤسسة فرص تسويق منتجاتها بدلاً من أن تعمل على الولوج في السوق دون دعم على زيادة نموها بالتدريب من أجل التطور والابتكار، ولا بد أن توجه الشركات الكبرى على دعم هذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والبعد عن منافستها، والعمل على الاستفادة منها في تسويق منتجاتها؛ كما يمكنها الاستفادة من التجارب العالمية والعمل على تعزيز الابتكار من تبنى النموذج الألماني في تطوير المنتجات والخدمات عبر شراكات مع الجامعات ومراكز الأبحاث؛ حيث تعتبر نموذجاً رائداً في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المعروف (Mittlestand )، حيث تعتمد هذه المؤسسات على الإبتكار والجودة، وتستفيد من الدعم الحكومي المباشر، إضافة إلى التعاون مع الجامعات ومراكز البحث لتطوير منتجات وخدمات فريدة، وكذلك التعلم من كوريا الجنوبية في بناء سياسات تشجيعية للتصدير والدخول للأسواق الخارجية كنموذج للتوسع في الأسواق العالمية؛ إذ أنها حرصت على استفادت هذه الشركات من برامج تسهيل الوصول إلى الأسواق العالمية بدعم مالي منخفض الفائدة، إضافة إلى تدريب رواد الأعمال وخاصة في قطاع التكنولوجيا.
ويمكن الاستفادة من سنغافورة في
بناء حاضنات ريادية، تتوسع فيه الحاضنات الحالية لتشمل برامج موجهه نحو الإبتكار التكنولوجي والرقمي؛والتي تتمثل تجربتها في بناء منظومة قوية لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عبر سياسات واضحة وتمويل موجه من خلال إنشاء الحكومة مركزاً لدعم الإبتكار مخصصاً للشركات الصغيرة والمتوسطة لتطوير منتجات جديدة وتوسيع أسواقها، كما ركزت على التعليم وريادة الأعمال منذ المراحل الدراسية المبكرة، ومن التحديات التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عُمان السوق المحدودة؛ إذ أن الاعتماد على السوق المحلية مع غياب خطط واضحة للتوسع إلى الأسواق الإقليمية أو الدولية لا يساعد في نمو هذه المؤسسات وتقدمها؛ كما أن هناك حاجة إلى تعزيز المهارات الإدارية والتسويقية لدى رواد الأعمال والتي يجب أن تقدم في منهج تدريبي مخطط يرتبط بمنح المؤسسة هويتها؛ بالإضافة إلى التحدي في التكنولوجيا والابتكار بسبب قلة الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة والابتكار مقارنة بالتجارب العالمية، هذا وتشكل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عُمان حجر الزاوية في الاقتصاد الوطني، ومع وجود رؤية واضحة لدعم هذا القطاع، هناك فرصة لتحقيق نجاح مستدام.
فمن خلال الاستفادة من التجارب العالمية والعمل على تعزيز الابتكار، يمكننا أن نحوّل هذا القطاع إلى محرك رئيسي لتحقيق أهداف التنويع الاقتصادي في المستقبل.