“زيدني فلوس ولا تزيدني شغل” بين الطموح والتوازن الوظيفي
أحمد ابراهيم محمد البلوشي
في زماننا الحالي، تزيد التحديات الاقتصادية ويتزايد الطلب على تحسين ظروف العيش، مما يجعل الكثيرين يتطلعون لزيادة أجورهم لتحسين مستويات معيشتهم، ومن بين العبارات الدالّة على هذا التطلّع الشعبي نجد القول “زيدني فلوس ولا تزيدني شغل”، الذي يعبّر عن رغبة الأشخاص في الحصول على عائد ماليّ أفضل دون زيادة أعباء العمل، ورغم ما تحمله هذه العبارة من أبعاد عملية وإنسانية، فإنها تطرح في ذات الوقت تساؤلات حول العلاقة بين الجهد المبذول والعائد الماليّ، وبين التطلّع الذاتيّ والمسؤوليات الوظيفية.
هذا القول “زيدني فلوس ولا تزيدني شغل” يعكس وجهة نظر منتشرة بين العديد من الأشخاص الذين يشعرون أن العائد الماديّ لأعمالهم يجب أن يكون مرتبطاً بالجهد الذي يبذلونه بالفعل، دون الحاجة لزيادة أعباء العمل، وفي ظل الظروف الاقتصادية المعقدة وارتفاع تكاليف العيش، يسعى الكثيرون للحصول على رواتب أعلى لتلبية احتياجاتهم الأساسية وتوفير حياة كريمة لهم ولعوائلهم، ومع ذلك، فإن هذا القول يثير تساؤلات عميقة حول طبيعة العمل والعلاقة بين الجهد والمكافأة.
بعض الأشخاص يرون أن زيادة الدخل بدون زيادة المهام هو حق مشروع، خصوصاً إذا كان الموظف يؤدي عمله بكفاءة ويحقق النتائج المرجوّة، وإنهم يؤمنون بأن الابتكار والإتقان يستحقّان المكافأة، وليس مجرد زيادة حجم العمل، وبالإضافة إلى ذلك، هناك من يعتقد أن زيادة المسؤوليات دون زيادة عادلة في المقابل الماليّ قد تؤدي إلى الإرهاق النفسيّ والجسديّ، وتقلل من جودة الأداء، ما ينعكس سلباً على إنتاجية المؤسسة ككل.
من ناحية أخرى، هناك رأي يشدد على أن زيادة المهام أو المسؤوليات قد تعزز النموّ المهنيّ، وتتيح فُرصاً للتطور الذاتي واكتساب مهارات جديدة، وفي هذا السياق، فإن قبول زيادة العمل قد يكون استثماراً في المستقبل الوظيفيّ، حيث يمكن للشخص أن يكتسب تجارب جديدة تزيد من قيمته الوظيفية، وتفتح له آفاقاً أفضل على المدى الطويل.
ويتعين على الفرد أن يوازن بين تطلعاته الذاتية وقدرته على تحمُّل الأعباء الإضافية، وكذلك ينبغي على المؤسسات أن تحترم جهود موظفيها وتمنحهم مكافآت عادلة تتناسب مع أعباء العمل ومتطلبات الحياة المتزايدة، إن تحقيق هذا التوازن يساهم في خلق بيئة عمل إيجابية تضمن الولاء والرضا الوظيفيّ للجميع.
وتُعتبر العبارة “زيدني فلوس ولا تزيدني شغل” دعوة للتفكير في كيفية خلق بيئة عمل عادلة ومتوازنة، حيث يتم تقدير الجهد وتوفير الفرص للنموّ المهني، بما يحقق رضا الموظفين ويعزز من كفاءة المؤسسات، وإن التوفيق بين توقعات الأفراد واحتياجات المؤسسات هو السبيل الأمثل لبناء مستقبل وظيفيّ مستدام وإيجابيّ .