يحيى السنوار من ظلام السجون إلى نور القيادة(٢)
عائدة بنت سعيد العريبية
فمن الأمثلة والمواقف التي تدل على حنكة السنوار في الحرب:
1. التخطيط والمشاركة في تأسيس جهاز “المجد”:
• السنوار كان من المؤسسين لجهاز “المجد”، وهو جهاز أمني أسسه داخل حماس يهدف إلى حماية الحركة من الاختراقات الإسرائيلية. هذا الجهاز أظهر قدرة السنوار على استشراف أهمية الأمن الداخلي والاستعداد للحرب النفسية والمخابراتية.
• أسس هذا الجهاز بعد اعتقاله من قبل إسرائيل في أواخر الثمانينيات، وساهم في تعزيز قدرة حماس على حماية نفسها من التجسس الإسرائيلي.
2. القيادة خلال التصعيدات العسكرية مع إسرائيل:
• أثناء الحروب المتعددة على قطاع غزة (2008-2009، 2012، 2014، 2021)، أظهر السنوار مرونة وحنكة في إدارة العمليات العسكرية مع الحفاظ على توازن بين الضغط العسكري على إسرائيل وحماية المدنيين الفلسطينيين.
• خلال حرب غزة 2014 (“الجرف الصامد”)، كانت قرارات السنوار محورية في التنسيق بين الفصائل الفلسطينية، حيث ساهم في تعزيز وحدة العمل المقاوم على الأرض وقيادة جهود الدفاع عن غزة ضد الاجتياحات البرية الإسرائيلية.
3. التعامل مع الحصار وتحديات ما بعد الحرب:
• القطاع يعيش تحت حصار منذ أكثر من 15 عامًا، لكن السنوار أظهر قدرته على التعامل مع هذا الواقع القاسي. بعد حرب 2014، ساهم في إدارة الأمور بمرونة سياسية، حيث قاد حماس في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل من خلال وسطاء، مما ساهم في تخفيف بعض جوانب الحصار.
• أدار السنوار ملف التهدئة مع إسرائيل، والذي كان يعتمد على قاعدة “التهدئة مقابل التهدئة”، حيث استخدم هذا الأسلوب للتفاوض حول احتياجات القطاع دون تقديم تنازلات كبيرة.
4. سياسة “إدارة الأزمات” وتجنب التصعيد المفرط:
• في عام 2018، بعد أن أصبح رئيسًا لحماس في غزة، أظهر السنوار حنكة سياسية وعسكرية حين أدار ملف التفاوض حول التهدئة مع إسرائيل من خلال وسطاء مصريين وقطريين. برغم الضغوط الكبيرة، استطاع الحفاظ على نوع من التوازن بين المقاومة المسلحة والتفاوض لمنع تصعيد واسع النطاق.
• على سبيل المثال، في عام 2021، قاد السنوار المقاومة في جولة التصعيد التي عرفت بـ”معركة سيف القدس”، حيث تمكن من جعل المقاومة الفلسطينية جزءًا من المعادلة الإقليمية والدولية في التعامل مع القضية الفلسطينية.
5. استخدام وسائل الحرب النفسية:
• السنوار كان معروفًا باستخدامه لوسائل الحرب النفسية بشكل ذكي. أحيانًا، كانت تصريحاته وخطاباته تستخدم لزرع الخوف والارتباك في صفوف الجنود الإسرائيليين، في حين كانت تظهر في أحيان أخرى بشكل مرن للتواصل مع الجمهور الفلسطيني وتحفيزه.
6. إدارة الملف الأمني والسياسي بعد مقتل أحمد الجعبري:
• بعد اغتيال القائد العسكري لحماس أحمد الجعبري في عام 2012، أظهر السنوار مهارة كبيرة في ملء الفراغ القيادي الذي خلفه الجعبري. تولى السنوار المسؤولية عن الجناح العسكري للحركة وأعاد ترتيب الأولويات العسكرية للحركة بما يتلاءم مع الظروف المتغيرة
يحيى السنوار لم يكن فقط قائداً عسكرياً بل كان شخصية متكاملة تجمع بين القيادة الأمنية والسياسية. حنكته في الحرب ظهرت من خلال قدرته على التعامل مع الضغوط الخارجية والداخلية، وتوجيه حركة حماس في أحلك الظروف.