2024
Adsense
مقالات صحفية

تحول الشركات التجارية إلى مساهمة عامة في مفهوم رؤية عمان 2040 مطلب أم خيار؟

د. سالم الفليتي
أستاذ القانون التجاري والبحري المشارك
قسم الحقوق – كلية الزهراء للبنات – مسقط
salim-s@zcw.edu.om

يقصد بالشركة المساهمة العامة بالاستناد إلى المادة (88) من قانون الشركات التجارية، هي تلك الشركة التي ينقسم رأس مالها إلى أسهم يتم تداولها على النحو المقرر قانوناً.

واستناداً إلى المادة (30) من قانون الشركات يجيز المشرع تحول الشركات – Conversion or transformation- من شكل لآخر، بشرط استيفائها شروط التأسيس للشكل المقرر الذي تتحول إليه. إلا أنه في الجانب المقابل يظهر المشرع في القانون الجديد – رغبة ملحة – في تحول الشركات إلى شركات مساهمة عامة Public joint stock companies على اعتبارها كيانات قانونية مالية ضخمة تنشأ – عادة – للقيام بالمشروعات الكبيرة ذات العائد الكبير للاقتصاد الوطني.

ويبرهن المشرع – رغبته هذه – في منح الشركات المتحولة إلى مساهمة عامة العديد من الحوافز، منها:
1- رأس مال الشركة المساهمة العامة الناشئة عن طريق التحول:
لا يجيز المشرع – من حيث الأصل – عملاً بنص المادة (91) من قانون الشركات، أن يقل رأس مال الشركة المساهمة العامة عن (2000000) مليوني ريال عماني، واستثناء من هذا الأصل، يجيز أن يكون الحد الأدنى لرأس مال الشركة المساهمة العامة (1000000) مليون ريال عماني، إذا كانت متحولة من شكل قانوني آخر.
2- اكتتاب المؤسسون في شركة المساهمة العامة:
لا يجيز المشرع للمؤسسين في شركة المساهمة العامة أن يكتتبوا بنسبة تزيد على (60%) ستين في المائة في رأس مال الشركة المساهمة العامة إلا إذا كانت ناشئة عن طريق التحول، فلهم أن يحتفظوا – قبل التحول بنسبة (75%) خمسة وسبعون في المائة من رأس مالها.
3- نسبة مساهمة المؤسس الواحد في شركة المساهمة العامة:
تستكمل الفقرة (3) من المادة (100) من قانون الشركات، المحفزات المقدمة للشركة المتحولة إلى مساهمة عامة؛ حيث تجيز أن يحتفظ المؤسسين في حالة التحول بحصتهم فيما لو زادت عن ما هو مقرر في صدر هذه الفقرة أي لأكثر من (20%) عشرين في المائة من رأس مال الشركة.

4- تصرف المؤسسون في أسهمهم في الشركة المساهمة العامة:
استناداً إلى المادة (127) من القانون، لا يجيز المشرع للمؤسسين في شركة المساهمة العامة التصرف في أسهمهم قبل قيام الشركة بنشر ميزانيتين عن (2) سنتين ماليتين متتاليتين من تاريخ تسجيلها، ويجيز المشرع فوق ذلك، مد فترة المنع لمدة سنة أخرى، لاستظهار حسن نيتهم من تأسيس هذا النوع من الشركات، ويُحمد المشرع كثيراً، على هذا التوجه الجديد، حماية للمكتتبين والدائنيين في آن واحد. ويستثنى المشرع بموجب الفقرة (2) من المادة ذاتها، حالات أربع، منها الشركة المساهمة العامة التي تنشأ عن طريق تحول شركة قائمة، فيجيز المشرع للمؤسسين في هذه الشركة التصرف في أسهمهم قبل قيام الشركة بنشر ميزانيتين عن (2) سنتين ماليتين.

ويأتي إطلاق البرنامج التحفيزي لسوق رأس المال؛ ليستكمل تحقيق رغبة السلطنة في تحول الشركات إلى مساهمة عامة على وجه العموم، وتحول الشركات محدودة المسؤولية، على وجه الخصوص، تحقيقاً لمستهدفات البرنامج الوطني للاستدامة المالية وتطوير القطاع المالي “استدامة” بحيث يحقق هذا التوجه مستهدف مؤشر التنافسية العالمية للوصول بالسلطنة في عام 2030 من أفضل (30) ثلاثين دولة، ومن أفضل (20) عشرين دولة في عام 2040.

وتتعدد مستهدفات تحفيز تحول الشركات إلى مساهمة عامة، في تسهيل اللجوء لسوق رأس المال، كخيار تمويلي لهذه الشركات، وتعزيز الحاكمية بمبادئها الثمانية، وتحقيق الاستدامة المالية للشركات المتحولة من خلال اتاحة الفرصة للأفراد بالمشاركة في استثمار مدخراتهم من جانب، وجذب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في رأس مال هذا النوع من الشركات من جانب آخر.

ويلحظ تنوع الحوافز التي يقدمها البرنامج التحفيزي، بتنوع جهات مقدميها، لعل أهمها، استرجاع الشركات المتحولة إلى مساهمة عامة ثلثي ضريبة الدخل التي سبق وقامت بدفعها قبل التحول، لمدة (5) خمس سنوات بعد إدراجها في السوق.

ويقدم جهاز الضرائب، حافزاً آخر للشركات المتحولة إلى مساهمة عامة، من خلال منحها مكنة تقسيط ضريبة الدخل، والإعفاء من الضريبة الإضافية المترتبة على التقسيط لمدة لا تزيد على (6) ستة أشهر من تاريخ استحقاق هذه الضريبة.

وتكمل الأمانة العامة لمجلس المناقصات هذه التوجه التحفيزي، بمنح الشركات المتحولة إلى مساهمة عامة أفضلية سعرية تصل إلى (10%) عشرة في المائة عند اسناد عقود المشتريات والمناقصات، لمدة (5) خمس سنوات مع مراعاة الضوابط المعمول بها في مجلس المناقصات.

ويُلحظ كذلك على المشرع – وإن كان بطريق غير مباشر – أنه يروم من تحول الشركات محدودة المسؤولية إلى مساهمة عامة. وهو تحول الشركات العائلية؛ على اعتبار – أن هذه الأخيرة – ما زال حتى تاريخه – شركات محدودة المسؤولية في معظمها – إن لم يكن جميعها. وهي تمثل تحديات عديدة منها، مشكلة انتقال إدارة هذه الشركات، وما يرافقها من تفتيت في رأس مالها. كما أنها لا تدوم كثيراً، وأعلى بقاءها إلى الجيل الثاني، ومتوسط عمرها لا يزيد على (30) ثلاثين عاماً في أحسن الأحوال.

الجدير بالذكر، أن البرنامج التحفيزي لسوق رأس المال، يشترط لاستفادة الشركة المتحولة إلى مساهمة عامة ألا يقل رأس مالها عن (10) عشرة ملايين ريال عماني، وهو مسلك يحمد المشرع عليه، باعتباره برنامج يهدف إلى تحقيق الاستدامة المالية من خلال خلق كيانات قانونية قادرة على المنافسة في السوق العالمي.

وبعد عرضنا لمختلف المحفزات القانونية والمالية الممنوحة للشركات المتحولة إلى شركات مساهمة عامة، ينهض تساؤلاً، يتمثل في شقين، الأول، إلى أي مدى تتوافق تلك المحفزات، مع رغبة الحكومة في التحول؟ والثاني، هل سيكون قرار الشركاء بتحويل شركاتهم إلى مساهمة عامة مطلب منهم، أم سيظل خياراً لهم؟ ونرى من المناسب – ترك الإجابة عليهما لحين معرفة ما يفرزه واقعات تلك الشركات المتحولة، من حيث عددها، ورأس مالها، وغيرها من المحددات.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights