أمينُ المكتبةِ، المنسيُّ دائماً
مريم الجابرية
حضرتْ صديقتي شمعتَها الإلكترونيةَ وأرسلتْ:
• مبروك يا مريم، إحدى عشرةَ سنةً منذُ تخرجنا من قسمِ دراساتِ المعلوماتِ من جامعةِ السلطان قابوس.
أعدتُ قراءةَ ما أرسلت مرةً أخرى، أيعقل أن سنواتِ عمرنا مرّتْ سريعاً هكذا، وكلُّ شيءٍ ما زال يتكرر؟
كأنَّ الزمانَ توقفَ عند تلكَ اللحظةِ، عددٌ قليلٌ على مرِّ السنواتِ توظفَ وما زالَ البقيةُ ينتظرُ الفرجَ، رغمَ قلةِ عددِ الخريجين، فالجامعاتُ التي تخرجُ نفسَ التخصصِ تكادُ محصورةً على اثنتين فقط.
لكننا نقتربُ من أكثر من ألف طالب وطالبة، أقدمنا تخرجَ منذُ 2009، أتحدثُ عن أكثرَ من 15 سنة.
ياااه، ما يزالُ حلمُ المكتبةِ الوطنيةِ، التي ستستوعبُ كافةَ خريجي تخصصِنا يراودني، وهي التي وقعَ على بنائِها منذُ أكثرَ من 17 سنةً وما تزالُ لم تظهر.
أعودُ إلى الواقعِ بدلاً من الأحلامِ، وأرى أن مدارسَ كثيرةً لا تملكُ أخصائيَّ مصادرِ تعلّمٍ، بل تسدُّ الفراغَ بخريجي التقنيةِ أو أيِّ تخصصٍ آخر.
أذكرُ آخرَ مرةٍ منذُ أكثرَ من 5 سنواتٍ حين أعلنتْ وزارةُ التربيةِ عن رغبتِها بتعيين موظفةٍ بمنصب أمينِ مكتبةٍ للمدارسِ الحكوميةِ في شمالِ الباطنة.
أعني شمالَ الباطنةِ من السويقِ العظيمةِ إلى شناصِ الممتدةِ، وقد كان العددُ المطلوبُ واحداً، نعمْ واحداً، تزاحمَ على الاختبارِ فيه ليس خريجو المكتباتِ فقط، بل خريجو تكنولوجيا التعليمِ والوثائقِ.
إنه حلٌّ ابتدعوه لاستيعابِ تخصصاتٍ أخرى وظلمِ تخصصِنا أيضاً.
أطيلُ التأملَ حولَ المكتباتِ في المؤسساتِ الحكوميةِ الأخرى، وأتذكرُ صوتَ دكتورِنا المصري محمد مجاهد – رحمه الله – حين قال: المكتباتُ مهنةٌ من لا مهنةَ له.
نعم، هناك موظفونَ فيها تخرجوا من الثانوية أو الدبلوم وتم تزويدُهم ببعض الدوراتِ حتى يشغلوا المكانَ في المكتبةِ، بينما هنا جمعٌ من الخريجينَ يتمنونَ أن يروا إعلانَ توظيفٍ عابرٍ كقشةِ نجاةٍ لهم.
نحن غرقى كما يغرقُ الآخرونَ في طلبِ أن يشغلوا وظيفةً، نريدُ لصوتِنا أن يُسمعَ.
ابتدعوا لنا الحلولَ أيضاً، لا نريدُ أن نسمعَ عذرَ أن الميزانيةَ لا تسمحُ، فعمانُ في طريقِ الازدهارِ.
افسحوا لنا المكانَ في المدارسِ الصباحيةِ والمسائيةِ، فالمكتبةُ ليستْ مكاناً يُهجرُ ويُغلقُ.
هالني حين سمعتُ أن هناك مكتبةً مغلقةً لأن الأخصائيةَ توفيتْ منذُ أكثرَ من 9 سنوات، والفراغُ يسكنُ مكانَها.
اطلبوا من الجامعاتِ السماحَ لنا بأخذِ تأهيلٍ تربويٍّ، كما سُمحَ للآخرينَ، نحن نريدُ حلَّ المشكلةِ.
عززوا الولاياتِ بمكتباتٍ عامةٍ حديثةٍ، فسرُّ تقدمِ الأممِ مكتباتُها.
لا تهلكوا سوقَ العملِ بخريجينَ في مجالٍ من الصعبِ إيجادُ مساحةٍ للمزيدِ من الأشخاصِ، فلتتواصلِ الوزاراتُ والجامعاتُ كما يجب.
قد تكثرُ الحلولُ ولكن الوجعُ واحدٌ، أمينُ المكتبةِ المنسيُّ، فلا تصدحُ أعلى الأصواتِ في الإعلامِ بالحديثِ عنه ولا المسؤولونَ عبروا عن رغباتِهم بحلِّ المشكلةِ بجديةٍ.
أخبرتْ صديقتي أن تتريثَ ولا ترسلَ شموعَها لتحتفلَ بتخرجِنا الثاني عشرَ من الجامعةِ في السنةِ القادمةِ، فلربما التفتَ أحدُهم ووجّهَ الأمورَ إلى المسارِ الصحيحِ