نزوى رحلة إلى الجنة
خولة كامل الكردي
يأسرك مشهد الجبل الأخضر الذي يتلألأ بتدرجات اللون الأخضر الذي يكسو وجهه بسجادة خضراء غاية في الانسجام، وجمال وروعة شموخه معانقاً مدينة نزوى العمانية، حيث تُعتبر إحدى أهم ولايات سلطنة عمان، وهي أول ولاية تم اتخاذها كعاصمة لسلطنة عمان، تقع نزوى على مفترق طرق بين مسقط وسلسلة جبال الحجر، لذا اشتُق اسمها من موقعها المميز بين العاصمة والتضاريس الجبلية الطبيعية، كما أنها احتلت مركزاً دينياً مرموقاً، فقد خرج منها علماء وفقهاء ومؤرخون، فكان لها دوراً مهماً في الدعوة للإسلام، فعُدّت من وحي هذا الدور كعاصمة دينية مرموقة، خرّجت أجيالاً من رجالات الدين والفقه.
لا جرم أنها تمتعت كعاصمة مزدوجة لسلطنة عمان، فهي كانت عاصمة سياسية في فترة من الفترات إلى جوار أنها عاصمة دينية وثقافية، ولها زخم ونشاط فكري ملحوظ، فلُقّبت بمدينة (العلم والتراث)، لكونها مهداً للعلم والحضارة الإسلامية العمانية، ومستودعاً للتراث الإنساني العماني.
مسيرتها الحضارية شاهدة لها، فالعديد من الآثار التاريخية كالحصون والقلاع والأبراج والمساجد الأثرية الناطقة بمخزونها الفكري العريق الممتد على مدى عقود انطوت من الإنتاج والإبداع العريق، وما يشد انتباه المتأمل للآثار التي تنتشر في ولاية نزوى، هو قلعة (الشهباء)، والتي تُعتبر من أقدم القلاع في سلطنة عمان، يعود فضل تشييدها إلى الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي، وهو ذات البطل الذي طرد الاحتلال البرتغالي من عمان، وقد استغرق بناؤها ١٢ عاماً، مع ما فيها من معالم تلفت نظر الزائر إليها، بما تحويه من غرف ومخازن ومطابخ، وقاعات تُعرض فيها المجوهرات والملابس والأواني الفضية والأسلحة المتنوعة، التي يفخر بها الرجل العماني العربي، فلا تكتمل أناقة ثيابه إلا بالخنجر العماني الفريد من نوعه، مزيناً به وسطه بحزام يحمله موشحاً بالخيوط اللامعة الذهبية والفضية، لتكون عنوان الأصالة العمانية العربية.
لا يسع المرء إلا أن يقف مشدوهاً أمام الحضارة العمانية الخالدة، التى تفردت ولاية نزوى لتحكي قصتها، فليس مستغرباً أن تحتل مدينة نزوى الجميلة صدارة التاريخ العماني القديم والحديث، المشرفة على سلسلة الجبل الأخضر لتضيف إبداعاً طبيعياً حباها الله به، وفي القلب من نزوى عاصمة العلم والتراث الإنساني العماني المعالم الأثرية الرصينة، التي جعلت من نزوى قطعة من جنة، تلهم الزائر معرفة المزيد عن الجهد الإنساني العظيم، الذي صنع كل تلك الحضارة، وتكلل ببزوغ نجم الدولة العمانية.