تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

عيش وملح .. سر النجاح في العلاقات وإدارة الأعمال (الجزء الأول)

 غزلان بنت علي البلوشية

في عالم العلاقات البشرية، يعتبر مفهوم “عيش وملح” تجسيدًا عميقًا لقيم الشراكة والتآزر الاجتماعي، هذا المصطلح الشعبي لا يعبر فقط عن فعل مشاركة الطعام، بل يحمل في طياته رمزية أكبر تتعلق بالوفاء والإخلاص بين الأفراد، إن “عيش وملح” ليس مجرد تقليد اجتماعي، بل هو بناء ثقافي يعزز الروابط الاجتماعية ويعمق العلاقات بين البشر.

من الناحية العلمية، يعد الطعام وسيلة أساسية للتفاعل الاجتماعي، حيث ترتبط مشاركة الوجبات بزيادة مستوى الثقة والتقارب بين الأفراد،
الدراسات الاجتماعية تشير إلى أن تناول الطعام معاً يعمل على تقوية الروابط بين الأشخاص، مما يخلق بيئة من الثقة المتبادلة والاحترام، هذا التفاعل اليومي الذي يبدو بسيطاً يحمل في داخله قيماً تربط الأشخاص ببعضهم بعضا على مستوى عميق.
في إطار العلاقات بين البشر، يُعتبر “عيش وملح” نموذجاً عملياً لتجسيد فكرة أن المشاركة تولد التعاون والولاء،

عندما يشارك الأفراد الطعام، فإنهم لا يتشاركون في موارد مادية فحسب، بل يتبادلون أيضاً مشاعر الثقة والتقدير، مما يعزز الرغبة في الاستمرار في العلاقة على المدى الطويل.
تجسيداً لهذه الرمزية الاجتماعية، فإن العيش والملح يتجاوزا -كونهما عادة – إلى أن يصبحا قاعدة أساسية في بناء العلاقات المتينة، سواء على مستوى الأسرة، أو الصداقات، أو حتى في بيئة العمل، إن إدراك هذه الأبعاد يمكن أن يكون له تأثير كبير على كيفية إدارة العلاقات بين الأفراد في مختلف السياقات الحياتية والمهنية.

تأثير عيش وملح على العلاقات والأفراد تعزيز الثقة والولاء في عالم العلاقات الإنسانية: يعتبر مفهوم “عيش وملح” أكثر من مجرد تبادل للطعام؛ إنه أداة قوية لتعزيز الثقة والولاء بين الأفراد، عندما يشارك الناس الطعام، ينشأ بينهم شعور بالترابط والتقدير المتبادل، الدراسات الاجتماعية تدعم هذا، حيث تشير إلى أن المشاركة في وجبة واحدة يمكن أن تكون كافية لتكوين رابطة قوية تستمر لفترات طويلة،هذا الترابط يغذي الولاء بين الأفراد، مما يجعلهم أكثر استعداداً لدعم بعضهم بعضا في المواقف الصعبة وتعزيز الثقة التي هي أساس أي علاقة ناجحة.

بناء علاقات متينة: تعد العلاقات المتينة التي تنشأ من خلال “عيش وملح” أكثر من مجرد صداقات عابرة؛ فهي علاقات تعتمد على التجارب المشتركة والمواقف اليومية، على سبيل المثال، تناول العشاء مع الجيران بانتظام أو مشاركة وجبة بسيطة مع الأصدقاء يمكن أن يكون له تأثير عميق على قوة العلاقات، هذا النوع من التفاعل يعزز الإحساس بالانتماء ويخلق شبكة دعم قوية يمكن الاعتماد عليها في الأوقات الجيدة والسيئة على حد سواء.

حل النزاعات: من الناحية العملية، يمكن أن يلعب “عيش وملح” دوراً محورياً في حل النزاعات، عندما يجتمع الأفراد على مائدة الطعام، تتاح لهم الفرصة لتبادل الأفكار والمشاعر في بيئة أقل توترًا وأكثرانفتاحاً. هذه البيئة المسالمة تساعد في إذابة الجليد وإزالة التوتر، مما يتيح للأفراد فرصة للوصول إلى حلول مشتركة، إضافةً إلى ذلك، “العيش والملح” يحمل في طياته قيمة تسامحية، حيث يمكن أن يشجع الأفراد على التفاهم والتصالح بعد الخلافات.
تأثير “عيش وملح” على إدارة الأعمال :

(أ‌) الإيجابيات :
1. تعزيز الروابط بين الموظفين: في بيئة العمل، يمكن لمفهوم “عيش وملح” أن يكون عاملًا محفزًا لتعزيز التعاون والعمل الجماعي. عندما يشارك الموظفون في وجبات جماعية أو فعاليات اجتماعية داخل المؤسسة، يتولد بينهم شعور بالتعاون والانسجام. هذا يمكن أن يترجم إلى أداء أفضل، حيث يصبح الفريق أكثر تكاملًا وقدرة على مواجهة التحديات بروح واحدة.

2. زيادة الولاء والانتماء من خلال تعزيز روح المشاركة بين الموظفين، يمكن للمؤسسات أن تبني قاعدة قوية من الولاء والانتماء، عندما يشعر الموظفون بأنهم جزء من “عيش وملح” المؤسسة، يتعمق إحساسهم بالارتباط بالمكان، مما يدفعهم إلى تقديم أفضل ما لديهم، هذا النوع من الولاء يؤثر بشكل إيجابي على إنتاجية الموظفين ويقلل من معدلات دورانهم.

3. تقوية العلاقات مع العملاء والشركاء بحيث يمكن أن يكون “عيش وملح” أداة إستراتيجية لبناء علاقات قوية ومستدامة مع العملاء والشركاء التجاريين. من خلال تنظيم فعاليات اجتماعية تتضمن مشاركة الطعام، يمكن للشركات تعزيز العلاقات التجارية، مما يؤدي إلى شراكات أكثر نجاحًا واستدامة.

(ب) السلبيات :
1. تداخل العلاقات الشخصية بالعمل، على الرغم من الفوائد العديدة، إلا أن هناك جوانب سلبية لمفهوم “عيش وملح” في العمل، فالاعتماد المفرط على العلاقات الشخصية قد يؤدي إلى تداخل غير صحي بين العلاقات الشخصية والعملية، وهذا التداخل قد يخلق بيئة عمل غير عادلة، حيث يتم تفضيل العلاقات الشخصية على الكفاءة والجدارة.

2. التوقعات غير المعلنة، فقد يؤدي تطبيق مفهوم “عيش وملح” في بيئة العمل إلى خلق توقعات غير معلنة بين الموظفين. قد يشعر بعضهم بوجوب تقديم مساعدات أو خدمات غير منصوص عليها في عقودهم، مما يخلق ضغوطاً إضافية تؤثر سلباً على الأداء المهني والراحة النفسية.

3. تأثير القرارات العملية، فإذا أصبحت القرارات في العمل تستند بشكل كبير إلى العلاقات الشخصية بدلاً من المعايير المهنية الصارمة، فقد يؤدي ذلك إلى نتائج غير فعالة على مستوى المؤسسة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى انحدار في جودة العمل ويؤثر سلبًا على تحقيق التنظيمية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights