تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

قصة قصيرة الجريمة (الجزء الثاني)

خلفان بن علي بن خميس الرواحي

حاول غسان الوصول إلى السيارة، ولكنه فشل لجريان المياه وخوفه بأن يحركها ويجرفها تيار الماء، تناول هاتفه وأرسل رسالة في تطبيق الواتساب لمجموعة شباب القرية:
مرحبا شباب، احتاج مساعدة عند الوادي بسرعة، في لحظة تجمع الشباب إلى جواره؛ لأن الكل يقدره ويحترمه فهو شاب خدوم لا يتأخر عن تقديم المساعدة للجميع الكبير والصغير الرجل والمرأة، خلال النقاش والحوار بينهم صرخ أحدهم:
السيارة تتحرك سوف يجرفها الوادي، لا بد أن نتحرك سريعا على الأقل نحميها من الانجراف، نظر إليه أحدهم وقال له:
ماذا نفعل؟
يأتي الجواب من آخر ليس لدينا شيء نفعله إلا ربط السيارة في جذع إحدى النخيل، وبعدها نفكر ماذا نفعل؟ وافق غسان على الرأي الأخير وطلب من أحدهم إحضار حبل، لحظات ويعود والحبل معه ثم يتبرع أحد الشباب بالاقتراب من السيارة وربط الحبل بها وبعد ذلك ربطها في النخلة الأقرب من الوادي لحسن الحظ جريان المياه بدأ في التناقص قليلا، وتمكن الشاب من الوصول إلى السيارة ولف الحبل على الإطار الظاهر منها وطلب من الباقين ربطه في النخلة. وفجأة سقط الشاب في الماء ولم يظهر. الكل لم يهتم بالسيارة كل العيون تبحث عن (أحمد) أين ذهب؟ لحظات وقفت بها القلوب ثم يصرخ أحدهم:
ذاك أحمد!
يتحرك الجميع إليه وقد أمسك بغصن شجرة الحبن المنتشرة على الوادي وكان يصارع جريان الماء، الحمد لله تم إخراجه من الماء بخير وعافية.
عاد الجميع لمكان السيارة وتشاوروا مع بعضهم بعضاً فكان القرار بضرورة إبلاغ الجهات الأمنية قبل محاولة إخراج السيارة فهم لا يعرفون سرها. تناول غسان هاتفه واتصل بالعمليات وعاد إليهم:
سوف ننتظر حتى تصل الشرطة والآن السيارة لن تتحرك مع وجود الحبل.
الجميع في ترقب وانتظار حتى حضور رجال الشرطة مسافة الطريق تحتاج أكثر من نصف ساعة في الظروف العادي، الكل كان يراقب تلك السيارة وتدور في خاطره العديد من التساؤلات الصمت يخيم على المكان نظرات بالعيون فقط لم تجرؤ الألسن على الحديث رغم الزخم المتلاطم داخل العقول، والذي يحاول الخروج بأي وسيلة الكل كان في انتظار المفتاح الذي سوف يفتح تلك الأفواه المغلقة حتى تتحرر من القيود وتبدأ في الحديث من سيكون؟
يتسلل (سعود) بين ثلة من الشباب يسترق السمع لعله يجد شيئا يشتت الأفكار التي تشغله وكثرة الأسئلة التي بداخله يقطع الصمت ويسأل بصوت خافت: من أين جاءت هذه السيارة؟ الذي بداخلها شاب أو رجل كبير السن؟ رجل أو امرأة؟ كل الرؤوس تدار إليه ونظرات الاستغراب في الأعين من بينهم أحدهم يرد:
نحن حالنا مثلك سعود لدينا هذه الأسئلة، ولكن لا نجد لها إجابات فالأفضل ننتظر حتى تحضر الشرطة ويتم استخراج السيارة ومن فيها. يصمت لبرهة ثم يعاود السؤال:
من شكل السيارة أظن أن الوادي جرفها من مكان بعيد، يشير بيده إليها، لم يبق فيها شيء لم يتكسر لا أظن أن داخلها أحد، أكيد أنه سقط منها، وهي تتقلب في الماء.
يرد عليه آخر: هناك شخص فيها، عندما ذهبت لأربط الحبل رأيت شيئا من رأسه.
يقترب سعود أكثر منه ويقول له: متأكد! يرد عليه: لو لم أكن متأكد من كلامي ما قلته.
ينسحب سعود في بطء ويبدأ في نشر الخبر بين المجتمعين يذهب في كل مرة إلى مجموعة ويبدأ الحديث: آخر الأخبار شباب داخل السيارة رجل والله أعلم مات خلال الانجراف غرقا. وهكذا في كل مجموعة كان يزيد بعض من البهارات على الكلام حتى أن غسان أحس بتغير في حركة الشباب وارتفاع الأصوات فسأل وأُخبر أن سعود يقول كذا وكذا فما كان منه إلا ذهب إليه وحذره من ذلك وطلب منه ألا ينشر الشائعات بين الناس، ولكن بعد ماذا سبق السيف العذل فقد نشر سعود الخبر في كل المجموعات التي لديه.

عندما تلقى ضابط المركز الخبر من العمليات حول موضوع انجراف السيارة ووجودها بالقرية أمر بتحريك دورية إلى المكان في أسرع وقت، كما تحركت سيارات الدفاع المدني للمساندة، حضر أحد أفراد الشرطة الذي كان يعرف القرية وخاطب الضابط: سيدي من خلال معرفتي بالمكان ليس من السهل وصول السيارة للمكان، رفع الضابط رأسه ونظر إليه وقال: طيب ماذا تقترح؟
سيدي ما أراه لابد من مخاطبة الطيران لإحضار مروحية لانتشال السيارة إذا كنا نريد السرعة، الضابط:
كلام جميل، أنتم الآن تحركوا في السيارات ولتكن سيارات الدفع الرباعي، وهناك يمكن أن تحكموا على الوضع وأنا بدوري سوف أخاطب الجهات لتوفير طائرة، يقدم الشرطي التحية للضابط للانصراف وقبل أن يخرج:
سيكون معكم الملازم قيس وهو المسؤول في القضية بإذن الله تعالى، يلتفت إليه:
تمام سيدي.
تحركت المجموعة معا من مركز الشرطة وقد نبه الملازم قبل الحركة على الجميع بأهمية المحافظة على أنفسهم وعدم التهور عند الوصول للمكان.

كل القرية قد علمت بالموضوع والكل خرج من بيته حتى يكتشف الأمر وبدأت الشائعات تتوالد بين الناس وبدأ تأليف القصص والحكايات، والكل كان ينتظر لحظة إخراج السيارة وانكشاف الحقيق، وصل رجال الشرطة حاولوا الوصول بالسيارات إلى أقرب نقطة من مكان التجمع، ثم نزلوا وأكملوا الطريق مشيا مع انتشار البرك المائية والطين، وصلوا أخيرا. نظر الملازم قيس إلى السيارة وقال:
موجها الحديث للشباب الذين عملوا قبل وصولهم، في البداية نقدم لكم الشكر الجزيل على الجهود التي قمتم بها وسوف نتعامل مع الوضع بأنفسنا، تقدم غسان:
لا شكر على واجب المهم، الآن إخراج السيارة من الوادي،
يجمع الملازم قيس رجال الشرطة على جانب بعيدا عن الناس:
لا نستطيع القيام بشيء ما زال منسوب المياه مرتفع ونخاف إذا حاولنا على الأقل إخراج من داخل السيارة أن يجرفها الوادي.
أحد رجال الشرطة:
والعمل الآن سيدي؟ ليس بيدنا شيء إلا انتظار الطائرة المروحية وبعدها ننقل السيارة من هنا لمكان آخر. الشرطي: طيب سيدي. يأخذ الملازم قيس جهاز النداء ويتخاطب مع ضابط المركز ويخبره بالوضع وضرورة الإسراع في حضور الطائرة.

يتحرك الملازم لمخاطبة الناس المتجمعين وينادي غسان ويقول له: أرجو أن تتعاون معنا في إبعاد الناس عن المكان وإعطاء الفرصة لرجال الشرطة للقيام بواجبهم حتى وصول الطائرة، بكل رحابة صدر رد عليه غسان، ولكن هل ستتأخر الطائرة؟ الملازم: لن تتأخر تحركت وهي الآن في الطريق إلينا.

يذهب غسان إلى المجتمعين ويخاطبهم بلطف وهدوء طالبا منه الابتعاد من المكان حتى تنجز الشرطة عملها في أثناء الحديث ترتفع الرؤوس للأعلى أحدهم يقول هذه الطائرة وصلت والحمد لله، يأمر الملازم قيس رجاله بالاقتراب أكثر من مكان السيارة لتقديم الدعم. يتدلى أحد رجال الشرطة من الطائرة نزولا لمكان السيارة ويحاول تثبيت السلك لرفعها بعد محاولات بمساعدة الشرطة الآخرين تم ربط السيارة وبدأت عملية الرفع بكل عناية خوفا على من بداخلها أن يسقط خلال تلك العملية، تحركت الطائرة من الوادي باتجاه مكان مفتوح يتمكن فيه رجال الشرطة من معاينة السيارة.

عندما ارتفعت السيارة من الماء ظهر أن هناك شخص بداخلها وقد فارق الحياة، الحركة والاضطراب يدبان في المكان والكل يسرع حتى يصل إلى مكان وضع السيارة، رجال الشرطة في المقدمة والبقية من خلفهم، عندما وصل الملازم قيس إلى مكان السيارة نظر نظرة فاحصة إلى الشخص الذي بداخلها ثم أصدر أوامره بأن لا أحد يقترب منها وكأنه شاهد أمرا غريبا يحتاج حضور رجال مسرح الجريمة.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights