تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

٣) نزهة الحروف…

خلفان بن ناصر الرواحي

حرف (ث)
نبث في سماء الفصيح ما بين السطور من أسرار البلاغة التي لا غنى لنا عنها، ونستقي من معين بحور البلاغة والبيان والبديع الأدبي ثوابت حروف وجماليات لغة الضاد؛ ومنها حرفنا هذا، (ث).

نعم، هو كذلك؛ فإذا ربطناه بما قبله من حروف الهجاء تنبثق منه كلمات كثيرة لها قيمة جمالية كبيرة؛ فعلى سبيل الذكر، كلمات ثلاثية ( أثبت، ثبات، تثبت)، وكلمات ثنائية ( بثْ، ثِبْ). فلو تمعنا في هذه الكلمات لوجدنا أنفسنا أمام حاجة ماسة إليها للتفكر والتمعن في مغزاها في حياتنا اليومية. ومما لا ريب فيه أنّنا نجد أنفسنا في حالات مختلفة نسعى إلى بثّ الوعي لدى القارئ والمستمع لما عسانا نجده مناسبا لبثِّه، وفي نفس الوقت علينا التفكير والانتباه إلى التّثبتِ وإثبات الذات والحقائق التي نستند عليها لإيصال المعلومة أو الرسالة.
حقاً أن حروف الهجاء ليست في الواقع مجرد حروف عابرة أو ترتيب معين أو مجرد ربط بينها وبين الحروف الأخرى لميلاد كلمات مختلفة فقط؛ بل إنها تحتاج إلى استقراء تام لكل حرف يعيننا على فهم مجريات الأمور بشكل أفضل؛ حيث السكينة والطمأنينة، مُتريثين بوجود حرف (ث) في قلب الكلمة قبل النطق بكلمة واحدة أو خطها بصفحات ناصعة البياض. فما أجمل التريث، وما أجمل سكون حرف (ث)!.

نعم، ما أجمل التريّث!. التريّث كلمة مهذبة تعني البطء؛ فالبطيء يسمى ريّثا، فقد جاء في لسان العرب لابن منظور [مادة ريث: 275/ 6]، الآتي:
(الرَّيْثُ: الإِبْطاءُ؛ راثَ يَرِيثُ رَيْثا: أَبْطَأَ؛ وتريَّثَ فلانٌ علينا أَي أَبطأَ؛ وقيل: كلُّ بَطيء رَيِّثٌ).

لهذا علينا اجتناب التهور والاندفاع في اتخاذ القرار في أمور الحياة دون دراسة وتحقق وتمحيص، وخصوصا قراءة المآلات، وعلينا أن نتخذ القرار في الوقت المناسب؛ فعدم القدرة على التأني، والإمعان في التريّث، قد يفوّت على الإنسان أن يتخذ قراره في الزمن الصحيح؛ فيصبح القرار خاطئا؛ وحينها لا ينفع الندم.

ولنا في هذه النزهة تتمة…

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights