2024
Adsense
مقالات صحفية

جريمة وعسس -الجزء الرابع

خميس بن محسن البادي

تابعنا في الجزء السابق أن فريق العمل قبض على أحد الذين يشتبه بهم في ارتكاب الجريمة بحق الزوجين بتعاون الطبيب الذي شاهده وتعرف عليه في المركز التجاري.

بالقبض على المستهدف، فقد تم بدايةً سؤاله عمن يكون؛ فأملى عليهم اسمه، ومن واقع وثيقته الرسمية التي اطلعوا عليها في المكان وجدوه مختلفاً تماماً عن الإسم الذي أملاه على الطبيب عند طلبه العلاج، ولإجراءات أمنية تم تجريده من كل مقتنياته، ثم أخذوه بهدوء تام إلى الخارج وإدخاله في المركبة التابعة للشرطة، بعد ذلك توجه إليه أحد الضباط بسؤاله عما إذا كان أحد برفقته في تسوّقه هذا داخل المتجر والمركبة التي بحوزته، فأجابه بأنه بمفرده وأن مركبته أوقفها في الجانب الآخر من المواقف الخاصة بالمتجر، فتوجهوا إلى حيث هي في الوقت الذي تم فيه إعلامه بالغرض من القبض عليه للاشتباه به في ارتكابه جرم معين، وأنهم قبضوا عليه للتحقق منه عن مدى صحة ما هو مشتبه به فيه، وفي الوقت عينه تم استدعاء الرافعة الخاصة بالشرطة لشحن مركبته من المكان، حيث انتظر الرجال وصول الرافعة التي تم شحنها بحضور سائقها المقبوض عليه، وعلى مرأى منه سارت الرافعة أمامه بمركبته المشحونة على متنها متوجهين إلى المبنى الذي سيتم سؤاله فيه عما هو متورط به ومنسوب إليه، وهناك وبأوامر قضائية مسبقة كان لا بد من البحث عما يمكن الإستفادة منه من داخل مركبة المقبوض عليه؛ فتم تفتيشها أمام ناظريه بصفته سائقها ليتضح لاحقاً أنه مالكها أيضاً، حيث كان رئيس الفريق حريص كل الحرص بأن يتم التعامل مع المركبة بحضور ورؤية سائقها منذ الأمر بنقلها وحتى العمل على تفتيشها لإجراءات فنية وقانونية وقضائية، وقد بحث المتخصصين بتوجيهات من رئيس فريق العمل الذي أضحى يعي تماماً ما يجب إيجاده والبحث عنه بما يفيد عملهم وبحثهم المتعلق بالجريمة، ولكن ومنذ أن ارتكب هؤلاء الحمقى جريمتهم في حق الزوجين لم يكن لهما من ذنب سوى رغبتهما بالترفيه عن نفسيهما، ماذا عساهم واجدين؟!

بعد مضي تلكم المدة التي مضت على الواقعة لأكثر من شهرين تقريباً، مع طقس متقلب بين رطب وجاف وماطر، لكن رغم ذلك فإن الله لا يضيع عمل عامل نوى به جهد خالص لوجهه سبحانه وتعالى، ثم أداء الأمانة الموكلة إليه بكل نزاهة وإخلاص، فها هم بعد دقائق مضت من البحث والمعاينة وجد أحد المختصين شيئاً ما ملتصقاً على جانب مقعد الراكب الأمامي للمركبة، يتموْضع ذلك الشيء بين الهيكل البلاستيكي للمقعد ومفتاح التحكم في وضعية المقعد جهة الباب، وكان على شكل طولي عريض بدى وكأنه حرف ألف من غير الهمزة يكسوه ذراتٌ من الغبار، وبطرقه العلمية تعامل مع ذلك الشيء لأغراض لاحقة سيستخدمونها في بحثهم بالقضية، ولم يتضح لهم شيئاً آخر غير ذلك بداخل المركبة، ومع ما تم من عمل بحضور المقبوض عليه حرر محضراً بذلك وطلب إليه قراءته وتوقيعه عليه إثباتاً لما اتخذ من إجراء متعلق بنقل المركبة وتفتيشها وما عثر عليه بداخلها أمامه؛ لتبدأ معه مرحلة أخرى من مراحل الأسئلة، ففي الداخل وبعد التحقق من مقتنياته والمتحفظ عليها منذ ضبطه بالمركز التجاري فقد تبين أن رقم هاتفه لشخص آخر خارج البلد منذ زمن، وكان محل بحث فريق العمل منذ بداية الجريمة، وبجلوسه أمام رئيس الفريق وبعض معاونيه كرر له سبب القبض عليه وأنه سيتم تحرير محضراً بإفادته ويجب عليه أن يكون متعاونا ومتجاوبا مع ما يوجه إليه من أسئلة، مؤكداً له وجود الأدلة والشواهد التي تثبت ضلوعه وتورطه في الجريمة غير المكتملة والتي نفذها ورفيقيْه في حق شهم وزوجه، مذكراً إياه بعلاجه في عيادة (…) دون أن يفصح له المزيد، تاركاً أمامه فرصة ووقت للإعتراف، لكنه أبى إلا أن ينفي ويجحد كل ما قاله له الضابط؛ مدعياً عدم علمه بما يحدثه ويسأله عنه، فلم يكن أمام محدثه إلا أن يدخل معه في نقاش وأسئلة جلها قائم على على ما تم جمعه ضده من أدلة، ثم يستعرضه على الطبيب الذي دعاه بالحضور على عجل، والذي بحضوره وبعد أن دقق عليه الرنا استطاع التعرف على المقبوض عليه من بين مجموعة الأشخاص الذين كان يقف بينهم رغم إجراءات تغيير هيئته في كل مرة من المرات التي تم استعراضه عليه خلالها، ومع مجمل ما توافر ضده لدى فريق العمل من أدلة ضبطت وحرزت واستجمعت وحللت خلال المدة الماضية من وقوع الجرم لم يجد سبيلاً أمامه للمراوغة والنفي ودحض الجرم عنه وعمن كان معه؛ فاعترف بإسهاب وتفصيل عن الجريمة التي ارتكبها بمشاركة زميليْه له اللذيْن أفصح عنهما وتوجهه بدونهما للعلاج في عيادة الطبيب، مدعياً باسم غير اسمه الصحيح، والذي أكده وفق ما أملاه على الطبيب الذي كان قد أثبته في سجل عيادته، فيما أدلى الطبيب بشهادته حول ذلك مفصلاً نوع الإصابات التي جاء يطلب العلاج لأجلها منفرداً دون زميليه، مؤكداً بما يتوافق مع سابق الأقوال والأوصاف عن إصاباته. وفي الوقت ذاته وبشكل عاجل اتخذت إجراءات القبض على المتهميْن الآخريْن، حيث وبدعم قوّة عسكرية تم التوجه إلى حيث يحتمل وجودهما أو البحث عنهما والقبض المباشر عليهما، وخلال ساعتين يزيد أو ينقص قليلاً، وبعد بحث مضني وجهود مستمرة؛ ها هم الثلاثة في قبضة الشرطة، فهكذا يكون العمل، وهكذا تتوج الجهود، وكذلك يكون نصرة للحق، فتم اقتيادهم إلى حيث يجب أن يكونوا وأمثالهم من المجرمين، وبمواجهة المقبوض عليهما بما اقترفوه ثلاثتهم من جرم؛ اعترفا بذلك ليقينهما بوجود الأدلة التي تؤكد ضلوعهم جميعاً في الجريمة، وكذلك هو فعلاً حيث كان العمل متقن وسار وفقاً لما يرتجيه الجميع، وقد ساعدت الأدلة والبراهين الدامغتين وإجراءات فنية خاصة ثبتت بحقهم ليكونوا متهمين في الجريمة من غير شك أو تخمين، إجراءات علمية وفنية عمل على تفنيدها وبلورتها فنيون متخصصون هم جزء مكمّل لفرق البحث والتحقيق والقضاء؛ ولذلك فقد أصبح لا مجال لدحض التهمة عن أنفسهم نتيجة توفر تلك الدلائل الدامغة ضدهم، وفي حين تم استدعاء “شهم” وزوجه “نغم” لكن ذلك حال دون تمكنهما من الحضور حين ذاك، لوجودهما بذلك الوقت في المشفى، حيث “نغم” على وشك إنجاب مولودها البكر، لكن “شهم” وعد بالحضور ما إن يطمئن على زوجه وإبنه.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights