تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

زاويتك السداسية المستقيمة

خميس البلوشي

في عالم هندسة الحياة، كل واحد منا يمتلك زاوية مستقيمة، تلك الزاوية التي تُشَكّل العمود الفقري لقيمنا ومبادئنا. كزاوية مستقيمة، تُحافظ على توازنها وثباتها بغض النظر عن تغيرات الظروف المحيطة. ولكن، عند ركنها في زوايا مختلفة، تتجلى فلسفة أخرى من حياة الإنسان وتتجلى معها حكمته البالغة، فهناك زوايا جمة نركن حياتنا إليها، فاختر زاوية تتواءم وتتسق مع شخصيتك وحياتك.

ففي ركن زاوية الأمل، عندما نركن زاويتنا المستقيمة في زاوية الأمل، نجد أنفسنا نشاهد العالم بمنظور إيجابي. تتجلى في هذه الزاوية قوة الإرادة والتفاؤل، حتى في أحلك الظروف. إن الإنسان الذي يتمسك بالأمل كزاوية مستقيمة، يستطيع تجاوز العقبات وتحقيق المستحيلات. الأمل هو القوة التي تدفعنا للأمام، وتُنير طريقنا وتمنحنا القدرة على رؤية النور في نهاية النفق.

وفي ركن زاوية العمل، عندما نركن زاويتنا المستقيمة في زاوية العمل، نرى القوة في الجهد والمثابرة. فالعمل هو الزاوية التي تبني وتُحقق الطموحات. والإنسان الذي يؤمن بأن عمله هو جزء من هويته، يستطيع أن يُحدث فرقًا ويُغير واقعه. فالزاوية المستقيمة هنا تُعلمنا أن النجاح ليس ضربة حظ، بل هو نتيجة لتفانٍ وجهد مستمرين.

وفي ركن زاوية الصبر تتبدى لنا الحكمة في الانتظار والتحمل. فالزاوية المستقيمة هنا تعكس الثبات والاستقرار؛ حيث يتعلم الإنسان أن الوقت هو جزء من عملية النضوج. فالصبر يعلمنا أن لكل شيء وقتًا ومكانًا، وأن الانتظار ليس هزيمة، بل هو جزء من الرحلة نحو النجاح. وكما قيل: “الصبر مفتاح الفرج”، فإننا نجد في هذه الزاوية درسًا في كيفية مواجهة الحياة بصبر وثبات.

وفي ركن زاوية الحب تتكشف لنا معاني التضحية والعطاء. فالزاوية المستقيمة هنا ترمز إلى النزاهة والوفاء؛ حيث يكون الحب نقيًا وصادقًا. الحب هو الزاوية التي تُلهمنا وتُعطينا دافعًا لنكون أفضل. فالإنسان الذي يركن زاويته المستقيمة في زاوية الحب، يُدرك أن الحياة بدون حب هي حياة بلا روح.

وفي ركن زاوية المعرفة نكتشف قيمة التعلم المستمر والسعي نحو الفهم الأعمق. فالمعرفة هي النور الذي يُبدد ظلمات الجهل، وهي القوة التي تمكن الإنسان من اتخاذ قرارات مستنيرة وحكيمة. فالإنسان الذي يُدرك أهمية المعرفة، يسعى دائمًا إلى التعلم والنمو، ويرى في كل تجربة درسًا وفي كل تحدٍ فرصة للتعلم.

أما الركن الأهم فهو زاوية الإيمان، ففي زاوية الإيمان، تتجلى القوة الروحانية والاعتقاد في شيء أكبر منا. فالإيمان يمنح الإنسان السكينة والطمأنينة، ويُعطيه القوة لمواجهة الصعاب بثبات. والزاوية المستقيمة هنا تُعبر عن الثقة والاعتماد على الله سبحانه وتعالى أو على القيم الروحية التي يؤمن بها الإنسان. فالإيمان يُعلمنا أن هناك دائمًا أملا وأن هناك دائمًا نورا في نهاية النفق.

فالحكمة البالغة التي تتجسد لنا، أن الزاوية المستقيمة هي رمز للاستقامة والثبات في مختلف جوانب حياتنا. مهما تنقلت بين زوايا الأمل والصبر والعمل والحب، فإنها تبقى دليلًا على أن الحياة تتطلب منا أن نكون ثابتين في مبادئنا، لكن نكون مرنين في تعاملنا مع الظروف. فحكمة الحياة تكمن في القدرة على الموازنة بين الثبات والتكيف، بين الاستقامة والمرونة، كما يقول الفيلسوف اليوناني هيراقليطس: “التغيير هو الثابت الوحيد في الحياة”، فإننا ندرك أن الزاوية المستقيمة ليست مجرد شكل هندسي، بل هي فلسفة حياة تُعلمنا أن نكون ثابتين في قيمنا، مرنين في تعاملنا، وحكماء في تصرفاتنا.

فزاويتك المستقيمة هي ما يجعلك أنت، فحافظ عليها بصدق، واركنها في زوايا الحياة بحكمة.

زاويتك المستقيمة هي ما يُحدد هويتك وقيمك ومبادئك. هي التي تُرشدك في حياتك وتُبقيك ثابتًا أمام رياح التغيير. تلك الزاوية التي تركنها في زوايا مختلفة من الحياة، تُعطيك منظورًا جديدًا وتُثري تجربتك الإنسانية.

ومن الحكمة في حياتنا أن نكون مرنين بقدر ما نحن ثابتون. أن نتعلم من الأمل والصبر والعمل والحب والمعرفة والإيمان، وأن نُدرك أن كل زاوية من هذه الزوايا تُضيف إلى حياتنا بعدًا جديدًا وتجعلنا أشخاصًا أفضل؛ لذا فلنحافظ على زوايانا المستقيمة بصدق، وأن نركنها في زوايا الحياة بحكمة. فلنعش حياتنا بثبات ومرونة، وندرك أن الحكمة تكمن في القدرة على التكيف والتعلم من كل زاوية نركن فيها وإليها. وكما قال الحكيم الصيني لاو تسي: “المرونة في الحياة هي القوة الحقيقية”، فإننا نجد في هذه الحكمة دعوة لتبني المرونة والتكيف في حياتنا اليومية، مع المحافظة على ثبات قيمنا ومبادئنا. فزوايانا المستقيمة هي عنواننا في الحياة، فلنرسمها بحكمة واعتزاز، ولنجعل منها دليلا لنا في كل مسار نسلكه.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights