الصداقة بين الوفاء وغدر الصديق

رزان بنت هلال البريكية
الصداقة وغدر الصديق حين يتحول الأمان إلى خيبة..
الحياة مليئة بالدروس، بعضها نمر به مرور الكرام، والبعض الآخر يترك فينا أثرًا لا يُمحى. من أقسى تلك الدروس التي نواجهها في هذه الحياة، أن تُطعَن من شخص ظننت أنه الأمان. أن يغدر بك صديقا وأخا لم تلده أمك وكنت تعتبره مرآة لقلبك وروحك.
نحن نُولَد ولا نعرف من فينا الوفي ومن الخاذل .. وحدها الحياة تكشف لنا ذلك مع الوقت.
مؤلم أن تشعر بالخذلان من إنسان شاركك ضحكاتك، دموعك، أسرارك، أدق تفاصيلك.. ثم تكتشف لاحقًا أنه كان مجرد عابر، لا يعرف معنى الوفاء، ولا قيمة المشاعر.
ومن أشد أنواع الخيانة قسوة ليست من عدو، بل من صديق.. أن تجلس مكسورًا، تتألم بصمت، وهو بجانبك فلا يشعر بفرحك ولا يتألم لحزنك! تلك لحظة قاسية.. لحظة تصرخ فيها مشاعرك ولا يسمعك أحد.. هنا تبدأ الأسئلة بالتدفق في داخلك.. ما بال قلوبهم جادة كالصخر فلا يهتمون لأمري ؟! هل أنا من أعطى بصدق لأشخاص لا يستحقون؟ أهو أنا سبب المشكلة و العالم تغيّر، والمشاعر أصبحت عملة نادرة؟!
نعيش في زمن أصبح فيه التعبير عن المشاعر ضعفًا، والوفاء سذاجة، والصدق شيء غريب ..! الصداقة حياة.. ولكن وحدها المفاهيم انقلبت اليوم.. فأصبح كل شيء يقاس بالمصلحة، والمنفعة، لا بالمواقف الصادقة.
يُقال إن الوفاء عملة نادرة، لا يعرفها إلا من بقي بقلبٍ نقي في زمنٍ مليء بالأقنعة.
حين يغدر بك صديقك، لا تكون الطعنة في ظهرك فقط، بل في قلبك، في ثقتك، في روحك، وكأن جزءًا منك انكسر للأبد، تمرّ أيامك بعدها متألمًا منكسرا.. تحاول أن تفهم كيف لإنسان أحببته و أهديته جزء من قلبك و روحك.. فيطعنك بهذه الطريقة؟! ولكن لا شيء إنما متابع بصمت موجع.
سؤال له صدى مؤلم بأعماقنا .. هل يجب علينا أن نغلق أبواب قلوبنا؟
ورغم الألم .. لاتزال النوايا صافية.. و ليست جميع القلوب خاوية.. ولا يزال الوفاء متأصلا في الأعماق.. لكن أؤكد أننا بحاجة لأن نكون أكثر وعيًا، و أكثر حذرًا.. لا نُعطي من أرواحنا إلا لمن يستحق.. والابتسامة حق للجميع ولكن بضوابط حسب المكان والزمان .
غدر الصديق يعلمك أن تكون أنت.. قويا.. ثابتا في أشد المواقف صلابة بدون و مع الآخرين مهما كان قربهم منك. تخلق منك إنسانًا مختلفًا فكرا ومنطقا ..قولا وفعلا .. وفي كل مرة تُخذل، تُكسَر، تُطعَن .. سيراودك حلما جميلا.. وأملا جديدا يولد في داخلك حكمة، وعي، صلابة.
فلا تندم على طيبتك و صدق نواياك.. فالخطأ ليس فيك، بل فيمن لا يستحق أن يشاركك تلك الطيبة.. كُن نقيًا.. وفيًا وخاليا من السذاجة..
أمضي في حياتك، ولا تنظر خلفك فكل موقف مؤلم يمرّ، وكل جرح يلتئم، حتى لو ترك أثرًا.. الحياة لا تتوقف.. والزمن لا يعود.. احتفظ بتجاربك خيرها وشرها.. وتذكر .. فلا تجعلها سجناً يحبس روحك ..عِش بفرح، ووزّع الحب بقدر وحذر .. امنح نفسك فرصة جديدة للحياة، واخلق جوا من السعادة بعيدًا عن كل من كسر قلبك وخذلك.
تذكّر دائمًا وحدها ” المواقف ” من تعلمك كيف تُحب نفسك وأن تكون أنت لحظة بلحظة.