ويبقى الأثر ..
علياء بنت خميس الحنشي
عندما قمت بتجميع دفاتر طالباتي لفت انتباهي جمال خطها! كان في غاية الروعة حيث امتزج جمال الخط مع جمال الإجابة على الأسئلة التي طرحتُها عليهن… إجابات تنمّ عن حبها للعلم، وتعمقها في البحث عن المعلومة؛ حيث لم تكتفِ بأخذ الإجابة من الكتاب المدرسي، بل كانت تضفي على إجابتها معلومات خارجية وأدلة من القرآن والسنة.
وما زال عالقاً في ذاكرتي ذلك اليوم عندما ذهبت إليها في غرفة الصف، وطلبت منها بأن تأتي معي إلى مصادر التعلم؛ لتكتب عبارات ترحيبية بخطها الجميل على السبورة استعداداً لاستقبال لجنة تقييم مسابقة القرآن الكريم بالمحافظة.
لا أنسى ابتسامتها التي تنمّ عن فرحها عندما أخبرتها بإعجابي بجمال خطها، لذلك اخترتها من بين الطالبات؛ لتكتب العبارات الترحيبية. لا أنسى رقي أسلوبها في الرد الذي يدل على حسن أخلاقها. لا أنسى إعجاب الحضور بجمال الخط؛ فالكل يسأل من كتب هذا الخط الجميل؟
كانت ذات جمال ليس في خطها فحسب، وإنما في سمو أخلاقها ورقي تعاملها.
هكذا كانت شهد كالنسمة العليلة إلى أن رحلتْ عن الدنيا، عاشت بسلام، ورحلت بسلام، والكل يذكرها بجميل الخصال، ويدعو لها بالرحمة والغفران، وبأن يرفعها الله بحسن خلقها في أعالي الجنان بقرب سيد الأنام -صلوات الله وسلامه عليه- فقد بشّر عليه الصلاة والسلام ذا محاسن الأخلاق بقربه منه يوم الحساب وعن جابرٍ رضي الله عنه: أَن رَسُول اللَّه – صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُم إِليَّ، وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجلسًا يَومَ القِيَامَةِ: أَحَاسِنَكُم أَخلاقًا، وإِنَّ أَبْغَضَكُم إِليَّ وَأَبْعَدَكُم مِنِّي يومَ الْقِيامةِ: الثَّرْثَارُونَ والمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهِقُونَ، قالوا: يَا رسول اللَّه، قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ، فَمَا المُتَفيْهِقُونَ؟ قَالَ: المُتَكَبِّرونَ)-رواه الترمذي.
رحلت شهد.. ويبقى الأثر…