جمال بن سالم المعولي
الإجادة والتميّز هما غاية كل فرد في مجتمعنا، ولكن الأهم من ذلك هو العطاء المستمر دون انتظار المقابل، فالعطاء هو القيمة الحقيقية التي تبقى وتدوم، وهو ما يجعل مِنّا أفراداً فاعلين ومؤثّرين في مجتمعاتنا ووظائفنا التي نعمل فيها، وتأديتنا للقسم لما لها من أمانة عظيمة، فخاب من ضيّع الأمانة، وكسب من اجتهد وأدّاها على أحسن وجه.
إن العطاء ليس مجرد فعل نقوم به، بل هو سلوك وموقف يعكس مدى إدراكنا لأهمية مساعدة الآخرين، العطاء كذلك يتجاوز الحدود الشخصية ليصل إلى البُعد الإنسانيّ الأوسع، والعطاء لا يقتصر على الماديات فقط، بل يشمل الوقت، الجهد، المعرفة، وحتى الابتسامة.
الإجادة والتميّز هما ما نسعى إليهما، ولكن العطاء هو ما يعرّفنا كأفراد بين أوساط زملائنا والمجتمع، سواء حصلنا على تقدير الممتاز من صُنّاع القرار أو لم نحصل عليه، فإن عطاءنا يجب أن يستمر لأنه جزءٌ لا يتجزأ من قيَمنا وإنسانيتنا.
نحن نمرّ بتحديات كثيرة في أعمالنا الروتينية وما نُكلّف به من عمل من قِبل المسؤولين، وللعام الثاني على التوالي لم أحصل على تقدير إجادة في عملي، ومع ذلك لم يكن هذا سبباً للتوقف أو الشعور بالإحباط بل على العكس، فربما يكون هذا حافزٌ لي لمواصلة العطاء والتفاني في العمل.
منظومة إجادة ليست الهدف النهائيّ، بل هي جزء من رحلة مستمرة نحو التحسين والتطوير، فالعطاء والعمل والإخلاص في وظيفتي جزء لا يتجزأ من شخصيتي ومنهجي في الحياة، وإنه ليس مرتبطٌ بالحصول على جوائز أو تقديرات، بل هو التزامٌ داخليّ بأداء الواجب وتقديم أفضل ما لديَّ لخدمة مجتمعي وزملائي، وإرضاء نفسي، فالعطاء هو البصمة التي أتركها ورائي، وهو ما يعطي القيمة لكل لحظة أقضيها في العمل.
سأواصل بجدٍّ واجتهاد لأداء مهامي وبكل إخلاص وجديّة، سواء حصلتُ على إجادة أو لم أحصل عليها، فالأهمّ هو الشعور بالرضا عن النفس والإسهام في تقدّم ونموّ المجتمع، وأنا على ثقة كبيرة بأن إجادة ستأتي في وقتها المناسب، طالما استمررت في العمل بنفس الروح والعزيمة.
لزملائي الأعزّاء في العمل:
واصلوا السير على درب العطاء والعمل بإخلاص، فالجهود لا تذهب سُدىً، اعملوا بحبٍّ وإخلاص، وابذلوا مزيداً من الجهد، واعملوا بروح الفريق الواحد، فلنؤدِّ أمانتنا التي أؤتمنّا عليها، فالأمانة تاجٌ على رؤوس الأوفياء.
أحبّتي في الله، لا تجعلوا إجادة هي مقياس النجاح، بل اجعلوا العمل الصالح هو الباقي، فتأدية الأمانة بحبٍّ وإخلاص هو الطريق لنيل رضا الرحمن، فلنكن قدوةً في المحبة والتفاني، ونشر الخير بين الأنام.
الله الله في تأدية الأمانة في العمل، ولنا في كتاب الله آياتٍ كثيرة تحثّنا على أداء الأمانة، ومنها قوله سبحانه: {ولا تخونوا أماناتكم} (الأنفال:27)، وقوله تعالى: {فليؤدّ الذي اؤتمن أمانته} (البقرة:283)، وقوله عز وجل: {إن الله لا يحب كلّ خوّان} (الحج:38).
