الخميس: 31 أكتوبر 2024م - العدد رقم 2308
Adsense
مقالات صحفية

من أسباب فشل منظمات التمويل الأصغر

د معاذ فرماوى
المدير التنفيذى للفروع الدولية – باب رزق جميل

لا شك أن جميع المنظمات تسعى لتحقيق النجاح، ولكن قد يفشل البعض منها لأسباب خارجة عن إرادته أو لأسباب تعود للمنظمة نفسها، ويتمثل فشل منظمات التمويل الأصغر بشكل رئيسى في عدم قدرتها على الإستمرار فى تقديم التمويل، وعدم قدرتها على تحقيق الإستدامة بتغطية تكلفة خدماتها وتحقيق فائض يُعاد إستثماره لتطوير المنظمة دون أن تعتمد على أى منح مالية تحصل عليها من الخارج، وقد تنجوا من هذا كله وتفشل لعدم تكيفها مع أنظمة وسياسات التمويل الأصغر خاصة في حالة التنظيم التحوطى.
المشكلة المحورية التى تخلق الفشل الداخلى بمنظمات التمويل الأصغر هى وجود إدارة لا تملك إلا مهارات فنية عن الإقراض، وتفتقر لمقومات الإدارة الحديثة ومهارات إدارة المنافسة والصراع، وتتبنى نمطاً إدارىاً رافضاً وخائفاً من التغيير، منكباً على حل مشاكل داخلية دون مجرد الإلتفات لمتغيرات جسام حدثت وما زالت تحدث في سوق التمويل الأصغر وتهدد بقاء المنظمة، نمطأ رافضاً لإعادة بناء الفكر الإدارى وتغيير البنية التحتية خاصة التكنولوجية لإستيعاب التطور المتسارع فيها بشكل يساعد على تقديم خدمة مميزة للعميل، نمطاً رافضاً للتخلص من ركام من الأشخاص والأفكار والقيم والثقافات التى تعوق ذلك، بل يسعى جاهداً لبقائها.
وينشأ عن السبب الجوهرى السابق نقص خبرة المنظمة في التعامل مع عملاء لهم سمات خاصة أهمها أنهم فقراء، ويحتاجون لمهارات تعامل مختلفة، إضافة للنصح والمشورة والتوجيه بشكل مستمر، ومن مظاهر نقص هذه الخبرة الإسراف في تقديم مميزات لا يحتاجها العملاء لطبيعتهم، أو المبالغة فى توضيب الفروع وخاصة وأن تكاليف هذه المزايا ترفع تكاليف التشغيل ومن ثم فائدة القروض، كما أن هذه المزايا لا تمثل فى الحقيقة عوامل جذب لعملاء التمويل الأصغر، بل قد تكون عوامل طاردة لهم لطبيعتهم المشار إليها.
وتعانى بعض منظمات التمويل الأصغر من عدم قدرتها على التقييم الصحيح لمشاريع العملاء، ويترتب على ذلك إما ضعف التمويل المقدم بشكل لا يستفيد منه العميل، أو زيادته عن حاجة المشروع بشكل يجعل من الصعب على العميل رده، وفى الحالة الأولى لن تستطيع المنظمة الإحتفاظ بعملائها، وفى الحالة الثانية ستفشل فى إسترداد أموالها، وهناك حالات أخرى تفشل فيها المنظمة في تقديم منتجات جديدة تساعدها على منع تسرب العملاء وجذب عملاء جدد، وفى كل هذه الحالات ستتعرض للخسائر والخروج من السوق.
وقد لا تستطيع بعض المنظمات التحكم في مصاريفها مما يؤدى لإرتفاع تكاليف التشغيل بشكل مبالغ فيه، وليس أمامها في هذه الحالة سوى خيارين، إما زيادة فائدة القروض الممنوحة وهذا يؤدى لتسرب العملاء لوجود بدائل أفضل بالسوق، أو قبول عدم تحقيق الإستدامة، وفى الحالتين ستخرج المنظمة من السوق ولن تستطيع الإستمرار.
ومن أخطر عوامل الفشل التوجه بالخدمات نحو فئة أو طائفة معينة لأسباب سياسية أو دينية أو طائفية حتى وإن لم تعلن المنظمة عن ذلك، ويظهر ذلك من خلال بعض المؤشرات كأن يكون معظم العاملين بالمنظمة ينتمون لإتجاه سياسى أو طائفى أو عقائدى معين، ونفس الشئ بالنسبة لعملائها، وللأسف قد تعلن بعض المنظمات صراحة عن توجهها من خلال إسم تجارى طائفى أو دينى، والذى سيؤدى بلا شك إلى تصنيفها طبقاً لإسمها حتى وإن كانت فعلياً لا تميز بين المستفيدين، حيث سيمثل الإسم شبهة تحييز تحتاج دائماً لإثبات عكسه.
ومن عوامل الفشل الخارجية ثقافة العملاء تجاه القروض الممنوحة لهم، فبعض العملاء يعتقد أنها زكاة أو صدقة أو مجرد خدمة إجتماعية، وهذه الثقافة قد تدفعهم إلى الإحجام عن رد هذه القروض، فتواجه المؤسسة صعوبات فى إستردادها وهى عصب البقاء بالنسبة لها، كما أن إجراءات التقاضى لإسترداد القروض مكلفة وتحتاج لوقت طويل، وأما خيار تغيير ثقافة العملاء فهو ليس بالأمر الهين، خاصة مع صعوبة إدراكهم لمفهوم التمويل الأصغر لطبيعته المعقدة والمركبة والمتنوعة.
ومن العوامل الخارجية أيضا التأثير السلبى المباشر لفشل مشاريع العملاء الممولة من المنظمة عليها، حيث سيتوقف العملاء عن رد القروض بشكل يؤثر سلباً على إستدامة المنظمة، وتتنوع أسباب فشل مشاريع عملاء المنظمة، مما يعنى صعوبة دعم المنظمة لعملائها لتلافى ذلك، فقد تعود لمشاكل مالية أو إنتاجية أو تسويقية أو إدارية أو محاسبية، وكل أو بعض هذه المشاكل يؤدى لفشل وإفلاس المشروع الصغير ويؤدى لنتائج كارثية على منظمة التمويل الأصغر.

farmawima@alj.com

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights