هل سنوقظ الشمس؟!
شريفة بنت راشد القطيطية
هل ستأتي بأوضاع البشر وتخيط جراحهم بأسلاك شائكة؟، وتأخذ وعدا ألا نتواطأ في تخدير شعب بدمى متحركة وسلالم وهمية، هل سترسم لنا طواحين الهواء ونستيقظ على فقاعات فارغة من الشغف والتمني ونلتحق بجنون البقر الذي صور لنا العالم هيئة سراب، يأخذ من الروح دراهم معدودة ويلقنها درسا لا تنساه، ويصور لك الذل على أنه راقصة أندلسية أتقنت فن النغمات، فليس عليك أن تتعجب مما يحدث، فناء قلوب لا تعي الإدراك ولا تستسيغ العودة لحروب الردة.
اليوم أكملت دراسة أعضائي، وقررت التعمق في قلبي حين سكت الجميع تنفس هو وكسر القاعدة، وخبأ الشمس في جيبه وتعمّد تغطية أنفاسها بأغنية صاخبة كي لا نسمع لها صوت استغاثة، ألهى الضياء كي لا يبادر لالتقاط شيء من العقول ويعيدها مكانها الصحيح، وأفرغ قوارير الماء كي لا تبلل ريق عاشق، ولا يدع لي مساحة لأكتب قصيدة فدائية، وعذّب مسرى الذكريات وأهان الوطنية، ومزّق طرقا كانت للعصافير فيها أنشودة المطر وكانت زغاريدها تنتشل العبق من تراب المسك وتمسح به الوجوه ليستيقظ الليل وينبت العروبة من زيتون ظل رمز السلام.
كيف نوقظ شمسا نائمة، وغبار رحيلها أعمى رغبتنا في الوجود، وحطم الاستيعاب!، كيف نمحو مصادر الضوء ..وعيناك هما البريق أيتها الخالدة في أمكنة عدة من عالم لا يرأف بالمساجد، ولا يترك صوتا للقصائد، حرة أنت بالكرامة والكبرياء، وشمسك الحقيقة الأكيدة التي نؤمن بها، وقوفنا معك مدائن صمت؛ لا ندري حتى لماذا الصمت؟ وعربدة البساتين لا تدع للقلم همسا ولا تتخذ إجراء ضد الطغيان، القلم الذي لا ينبض بالصدق اكسره .. والمشاعر التي تشتاق انزعها .. ودع القلم والمشاعر يشترون لك البهجة من بائع متجول يبيع الرتابة من فواصل الاختناق، وأيقظ شمس عروبتك ودعها تلسع الأمزجة وتبعثر حرث البيات الشتوي التي يصيب الدماء.
هل سنوقظ الشمس رغم توهجها ولمعانها، أو أنها خُبئت بستار من زيف وتهكم ورياء، وتولت القيادة أيادٍ حمراء برائحة الدم، وتجلت بطغيان منقطع النظير؟ ألم يكن في سماء غزة أكسجين نقي يتكاثر فيه السلام؟، ألم يكن في عمادها ابن مريم!؟، وجئتم قاصدين التميز .. وها أنتم دمرتم القيادة والعبادة واتخذتم من الأرواح وسادة، وعمرتم نبضات قلوبكم بالدمار واخترتم العار.
ستكونين بخير يا زهرة المدائن، وينبت من كل غصن بيت عامر، وتتذكرون أن كل ما حدث كان قرابين نصر ميّزكم الله بها، لقد اقتلعتم قلوبكم للشهادة وكنت مثالا للصمود، وحفرتم بالنقش أسماءكم على الأجساد لتنالوا شرف الاختيار، أعز الله قوما لا يخافون في الله لومة لائم، ونصركم وأعاد لكم توهج الفتوحات الإسلامية وجسارة صلاح الدين.