الصحة النفسية للمراهقين
د. سعود ساطي السويهري
يتراوح عمر شخص واحد من كل ستة أشخاص بين 10 سنوات و 19 سنة، وتمثل اعتلالات الصحة النفسية 16% من العبء العالمي للأمراض والإصابات بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 10 سنوات و 19 سنة. وتبدأ نصف اعتلالات الصحة النفسية في الظهور عند سن 14 سنة، ولكن معظم هذه الحالات غير مكتَشفة وغير معالَجة. ومن هنا تأتي ضرورة توعية الأهل والمربّين بكيفية التعامل التربوية مع المراهقين، لأن المراهقة تُعدّ مرحلة تكوينية محورية تتخللها العديد من التغيرات البدنية والعاطفية والاجتماعية، وقد يؤدي التعرض للفقر أو إساءة المعاملة أو العنف، إلى جعل المراهقين عُرضةً لمشاكل متّصلة بالصحة النفسية. ويُعدّ تعزيز السلامة النفسية للمراهقين وحمايتهم من التجارب الضّارّة وعوامل الخطر التي قد تؤثر على إمكاناتهم في النموّ أمراً ضرورياً لسلامتهم خلال فترة المراهقة، ولصحتهم البدنية والنفسية في مرحلة البلوغ.
وهناك عدّة محددات مهمة لصحة المراهق النفسية، وتتمثل في نوعية حياته العائلية وعلاقاته مع أقرانه. وعلاوة على ذلك، فإن العنف (بما في ذلك المعاملة القاسية من الأب والأم والمضايقة) والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية هي مخاطر معترف بها على الصحة النفسية. ويُعدّ الأطفال والمراهقون معرضون بشكل خاص للعنف الجسدي، الذي يرتبط ارتباطاً واضحاً بعواقب ضارّة على الصحة النفسية، ويُعتبر بعض المراهقين معرضين بشكلٍ أكبر لاعتلالات الصحة النفسية بسبب ظروفهم المعيشية، أو الوصم أو التمييز أو الإقصاء، أو عدم حصولهم على دعمٍ وخدماتٍ ذات نوعية جيدة.
ويُعدّ المراهقون الذين يعانون من اعتلالات الصحة النفسية بدورهم معرضون بشكل خاص للإقصاء الاجتماعي والتمييز والوصم (التي تؤثر على الاستعداد لطلب المساعدة) والصعوبات المتصلة بالتعليم وسلوكيات المجازفة واعتلال الصحة البدنية، وتظهر الاضطرابات العاطفية عادةً خلال فترة المراهقة. فقد يشعر المراهقون الذين يعانون من اضطرابات عاطفية بسرعة الانفعال أو الإحباط أو الغضب. وتهدف التدخلات الرامية إلى تعزيز الصحة النفسية والوقاية من اضطراباتها إلى تعزيز قدرة الفرد على ضبط عواطفه، وتحسين بدائل سلوكيات المجازفة، واكتساب المرونة في التعامل مع المواقف الصعبة والشدائد، وتتطلب هذه البرامج اتّباع نهج متعدد المستويات ينطوي على منصات متنوعة، مثل الوسائط الرقمية، أو مؤسسات الرعاية الصحية أو الاجتماعية، أو المدارس، أو المجتمع المحليّ، واستراتيجيات متنوعة للوصول إلى المراهقين، ومن المهم للغاية تلبية احتياجات المراهقين الذين يعانون من اعتلالات محددة في الصحة النفسية. وتجنب إيداعهم في المؤسسات الإيوائية والإفراط في التدخلات الطبية، ومنح الأولوية للمناهج غير الدوائية، ويمكننا هنا أن نشير لعدّة نصائح تساعد على تعزيز صحة المراهقين النفسية والجسدية:
1 – ممارسة نشاط بدني لمدة ستين دقيقة على الأقل يومياً.
2 – تناول نظام غذائيّ صحّيّ، يشمل الكثير من الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة، ومجموعة متنوعة من البروتينات ومنتجات الألبان قليلة الدسم.
3 – الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، من 7-9 ساعات يومياً.
4 – تعلّم طُرق التعامل مع الإجهاد وتجنب التوتر.
5 – التعرف على علامات المرض العقليّ، ومراجعة الطبيب عند ملاحظتها، مثل القلق والاكتئاب والتعب المفرط وفقدان احترام الذات، وفقدان الاهتمام بالأشياء التي اعتاد المراهق على الاهتمام بها، وفقدان الشهية وزيادة أو نقصان الوزن، وتغيّر المزاج.