دُجى الليل

سليمان بن حمد العامري
ورأيتُها في جنح لّيـلِ مظْلِـمِ
وكأنَّها بَدْرٌ يلوح ويحتمي
والعين تبرق في الدجى كالمشعل
شَفَتَان من بطش اللظى لم ترحمِ
وَالجِيدُ مثل النَّجْمِ فِي غسق الدُّجَى
يربو عَلَى الوَصْفِ الذي لم يأثمِ
لَكِنَّنِي ما كُنتُ أَجْرُؤُ أنْ أَرَى
خِفْتُ الظُّنونَ وَخِفْتُ لَومَ اللوَّمِ
قَالُوا تُلاحِقُ طَيْفَهَا؟! فَتَأَلَّمَ الـ
ـقَلْبُ السَّكُوتُ بِهِ يَقُولُ: تَرَحَّمِ
يَا وَرْدَةً فِي اللَّيْلِ فَاحَ عَبِيرُهَا
ما مَسَّهَا طَرْفِي، وما تركت دمي
يَا لَيْتَهَا تَدْرِي بِأَنِّي هَائِمٌ
أُخْفِي هَوَاهَا فِي الفُؤَادِ المُكْلَمِ
أَمْشِي وَرَاءَ النُّورِ دُونَ إِرَادَةٍ
وَأَخَافُ أَنْ تَدْرِي فَتَهْجُرُ مَأْدَمِي
لَوْ كَانَ لِي فِي البَوْحِ بَعْضُ شَجَاعَةٍ
لَشَكَوتُ صَمْتِي وَالحَنِينَ بأعظُمي
لَكِنَّنِي مَا بَيْنَ خَوْفِي خَافِقٌ
والعِشْقُ قيَّدَ مهجتي ومعاصمي
فَمَضَيْتُ وَحْدِي وَالدّموع سوابقي
وَخُطَايَ مثقلةٌ بحِملِ المأثمِ
لَمْ تَسْمَعِ الأنفاسُ صَوْتَ تَوَجُّعِي
ما بَيْنَ نَبْضِي وَالسُّكُونِ المُظْلِمِ
وَدَّعْتُهَا… لا بِالسَّلَامِ، وَإِنَّمَا
بِالنَظْرَةٍ الخَجْلَى، وَدَمْعِ الهائمِ
يَا لَيْتَهَا تَدْرِي بِأَنِّي مُوقِدٌ
نَارَ الهَوَى .. لَكِنْ بِصَمْتِ الحالمِ