حمدان بن هاشل العدوي
عضو الجمعية العمانية للكتاب والأدباء
في خضم ما يشهده العالم من أحداث مؤلمة في غزة وفلسطين، تتعالى أصوات الشعوب، وتبرز مواقف الحكومات؛ وهنا، لا بد من الوقوف عند سؤال جوهري: ما الفائدة الحقيقية التي تعود على القضية الفلسطينية من التجمعات والاحتجاجات الشعبية؟ وهل تعني هذه التجمعات بالضرورة أن الدعم لا يتحقق إلا من خلالها؟
إن موقف الشعب العماني تجاه القضية الفلسطينية ثابت وراسخ، يتجلى في الدعاء المستمر، والمقاطعة الواعية للمنتجات الداعمة للاحتلال، والتبرعات التي تُرسل عبر القنوات الموثوقة، في تعبير حضاري وإنساني عن تضامن لا يتزعزع، وهذا الموقف ليس وليد لحظة؛ بل هو امتداد لتاريخ طويل من الدعم والتأييد للقضية المركزية للأمة.
أما على الصعيد الرسمي؛ فإن سلطنة عمان، بقيادتها الحكيمة، تسير على نهج ثابت، لا يتغير بتقلبات الظروف، بل يرتكز على المبادئ الأخلاقية والإنسانية والقانون الدولي، فقد كانت السلطنة – ولا تزال – صوتًا للعقل، وميزانًا للعدل، وموقفًا مشرفًا في المحافل الدولية، ولا ننسى صوت مفتي السلطنة، الذي لا يزال حيًا مدويًا في الدفاع عن الحق ونصرة المظلومين، أطال الله في عمره، مستندًا في ذلك إلى قوله تعالى: “وَلَا تَرْكَنُوٓاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ” [هود: من آية: 113]، وإلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” [مسلم].
وبالتالي، فإن التساؤل عمّا يُطلب من الحكومة يبدو غير منطقي في سياق موقف متكامل، يجمع بين الدعم الشعبي والموقف الرسمي الحكيم، فالحكومة لم تكن يومًا متخاذلة، والشعب لم يكن يومًا متقاعسًا، بل كلاهما يؤدي دوره بما يحفظ كرامة الوطن ويُعلي من قيمة الإنسان.
إن “عُمان أمانة”، وشعبها يدرك تمامًا أن المحافظة على استقرار الوطن لا تتعارض مع نصرة القضايا العادلة؛ بل هي جزء من الوفاء لها… “عُمان خط أحمر”؛ لأن منجزاتها واستقرارها ليسا محل مساومة أو مزايدة، وإن من الوفاء لهذا الوطن أن نلتف حول قيادته، ونتحد على كلمة سواء، مستنيرين بهدي الإسلام القائم على العدل، والرحمة، ونصرة المظلوم.
