اكتشف المحافظة السياحية الأعلى تقييماً… إنها محافظة الظاهرة
سليمان بن سعيد بن زهران العبري
لا مبالغة إن قلنا وقيّمنا أنَّ محافظة الظاهرة هي المحافظة السياحية الأكثر تميزاً وتعدداً للمعالم السياحية في سلطنة عُمان…
من يقترب من محافظة الظاهرة سوف يكتشف كنوزها العظيمة، التي لم تظهر للعامة بشكل واضح بسبب اتساع مساحتها وترامي أطرافها، والحقيقة في كل ربوع المحافظة تجد هنا وهناك ما يميّز كل موقع عن الآخر في كل مدينة من مدنها؛ بل وفي كل قرية من قراها، وإذا أردنا حصرها بالتأكيد لن نحصيها في مقال، فتحتاج كل بقعة فيها لمقال، لكن من يخصص أسبوعاً على الأقل للقيام بجولة استكشافية سياحية سيكتشف الكثير والكثير، وسيحتاج أسبوعاً آخر أو يزيد ليستكمل الجولة…
من أهم ما يميز محافظة الظاهرة عامة وولاية عبري خاصة تاريخها العريق وآثارها ومعالمها وأعلامها، على سبيل المثال آثار بات ووادي العين التي سجلت ضمن التراث العالمي بمنظمة اليونسكو بالاُمم المتحده لثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، ومعالم أخرى منذ صدر الإسلام للدعوة التي وجهها الرسول -صلى الله عليه وسلم-ولا تزال الآثار باقية لليوم بمدينة الغبي الأثرية التي كانت عاصمة الظاهرة، وكانت مركزًا سياسيًا هامًا عبر الزمن، وما تحتويه من جوامع ومساجد وحصون وأبراج وحارات وسوق كبير ومزارع كثيرة؛ كلها آثار تاريخية لا تزال أغلبها قائمة المعالم وتستحق الترميم كمدينة أثرية خاصة؛ لتصبح مزارًا سياحياً وبداخلها الخدمات اللازمة التي تخدم السياح…
وفي محافظة الظاهرة الكثير من الحصون والقلاع والحارات القديمة، وكانت بعضها مقر حكم دولة النباهنة، وبعدهم دولة اليعاربة، وبعدها دولة آل بوسعيد، وقد روت كتب التاريخ عن الظاهرة عبر الزمن. فهذا من الجانب التاريخي والتراث، أما فيما يتعلق بجوانب الطبيعة الخلابة والإطلالات الرائعة؛ فقمم جبل السراة الغني عن التعريف من القمم الأعلى على مستوى دول الخليج العربي، ويتميز بإعتدال الجو صيفاً والبرودة العالية شتاءً، وقد شُقّت إليه طريق من طريق وادي العين مرورًا بجبل شمس بولاية الحمراء وصولا لجبل السراة، وحينما تصل لتلك القمم تشعر وكأنك في عالم آخر من الجمال الذي لا يوصف، وتشاهد منه قرى الظاهرة هنا وهناك من إطلالته الغربية، أضف إلى ذلك وجود جبال أخرى جميلة مختلفة الإرتفاع والتضاريس بمختلف ولايات المحافظة، ومن التنوع في الجانب الآخر تجد الصحاري الممتدة بتلالها ورمالها الذهبية، وأجملها رمال الصفا، وأحياناً تتجمع البرك المائية الجميلة التي تتميز بها المحافظة عن غيرها، ورمال مسروق، وطريق الربع الخالي المنفذ الحدودي مع المملكة العربية السعودية، حيث تشاهد جمال الطبيعة الرملية وهي تتشكل بتشكيلات فنية رائعة أبدع المصورون في التقاط الصور الجوية على امتداد التلال الرملية…
إنَّ محافظة الظاهرة تاريخ وحضارة ومستقبل واعد في كل المجالات؛ ففي المجال الاقتصادي والتجاري مضرب الأمثال لقوة سوقها وتجارتها، لهذا سماها المؤرخون القدامى معبر القوافل التجارية ولا زالت بنفس الأهمية، بل تطورت وازدادت الأهمية بفتح المعابر الدولية للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وارتباطها بمحافظات السلطنة الشمالية والجنوبية…
إن زيارتك المطولة لأيام لمحافظة الظاهرة ستكتشف الكثير وتتعجب لما ستشاهده لأول مرة، حتى لو أنت من أبناء المحافظة؛ فهذا ما صرح به أعضاء المجموعات السياحية العُمانية التي تشرفت بصحبتها لزيارة ولاية عبري لعشرات من الأخوة على مدى يومين، واليوم نوجه الدعوة لزيارة محافظة الظاهرة وكذلك نوجه الدعوة العاجلة لأبناء المحافظة لزيادة الخدمات الأساسية التي يحتاجها السياح، وأن تكون متوزعة، كل يعمل ويطور بلدته وقريته سياحيا لتكون كل قرية وكل بلدة وجهة سياحية مكتملة الخدمات، فليس شرطاً أن تتركز الخدمات فقط في المدن، فالأماكن الطبيعية طبعاً هي الأهم والأولى والأجمل لإقامة فنادق ومطاعم ومقاهي واستراحات على مرتفعات عالية مطلة على الأودية والعيون والبرك المائية، وعلى الواحات الخضراء والبساتين والمزارع تسعد النفس وتبهج الروح وتجذب السياح طوال العام وتنشط السياحة الداخلية، وتستقطب السياح الأجانب، وتسهم في توفير فرص العمل ومصادر الدخل للفرد والأسرة، وتشجيع الحرفيين والمنتجين وإعادة الأسواق الأثرية المهجورة إلى سابق عهدها بإدارة العُمانيين وبالمنتجات العُمانية وجهود الشباب العُماني كما هو أثبت نجاحه وبقوة في بعض الولايات العُمانية كما علمتم وشاهدتم، ونأمل أن يكون عام 2024 عام التغيير والانطلاقة لمحافظة الظاهرة عامة سياحيا؛ لتسجل ضمن البرامج السياحية لجميع الشركات السياحية التي تستضيف الأفواج من مختلف دول العالم …
نعم، آن الأوان لتوجيه البوصلة السياحية لمحافظة الظاهرة؛ حتى تصبح عاصمة السياحة العربية في القريب العاجل.