2024
Adsense
مقالات صحفية

الثامن عشر من ديسمبر، اليوم العالمي للغة العربية

 درويش بن سالم الكيومي

تحتفل السلطنة وبقية دول العالم والدول العربية والإسلامية باليوم العالمي للغة العربية، والذي يصادف الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، فهو اليوم الذي قررتْ فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية للمنظمة الدولية، لِمَا لها من أهمية ودَور بارز في حفظ ونشر حضارة الإنسان وثقافته، ولغة يتحدث بها مليارين من المسلمين حول العالم، فهي مرتبطة “بالقران الكريم”، والشعائر الدينية، والسُّنّة النبوية الشريفة وفروع الفقه. فعَبْر صحيفة النبأ الإلكترونية يطيب لي أن أكتب عن هذا اليوم الخالد، تعبيراً عن لغتنا العربية، التي تتميز عن بقية اللغات بتلك الأصالة الثابتة، والتي تنفرد بها من خلال وجود الثوابت الراسخة، الدينية والأدبية والثقافية والحضارية، وتُعتَبر من أقدم اللغات في العالم، وهي لغة سيد البشرية عليه أفضل الصلاة والسلام، قال تعالى:
{ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ¤ خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ ¤ ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ ¤ ٱلَّذِي عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ ¤ عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ} الآية (1-5) من سورة العلق.

وتُعتَبر أول آية وأول كلمة وأول أمر وأول تكليف عندما نزل الملك جبريل عليه السلام، ويكفي فخراً واعتزازاً لكافة المسلمين في مشارق الارض ومغاربها بأنها اللغة التي نزل بها كلام الله “القرآن الكريم” قبل خمسة عشر قرناً، وما تزال هي اللغة السائدة بين العرب حتى يومنا هذا، ومع انتشار الإسلام أُطلق على تلك الفترة بالعصر الذهبي، وقد أقبل العجم على تعلّم اللغة العربية حتى يتمكنوا من قراءة “القرآن الكريم” ومن ثَمّ تعلموا اللغة العربية رغم وجود التحديات في هذا الوقت من خلال العولمة وظهور بعض المصطلحات التي تعتبر دخيلة على اللغة والمجتمع العربي، بالإضافة إلى ما يُسمّى باللهجة العامية، والتي هي الأخرى أصبحت تنتشر بين عامة الناس، ولكن بقي التحدي في الظهور وفي جماليات اللغة الأم في فصاحة الشعر وكلمات النثر وفي الخطابة والقصص والروايات الأدبية والثقافية، وأيضاً في النحو والصرف، حيث يُعتبر الشعر في اللغة العربية من الفنون الأدبية التي فضّلها الكثير من الشعراء الذين انفردوا به في كافة القوافي الشعرية، سواء كان في الغزل أو المدح أو الذم أو الرثاء، ومن أبرز الشعراء الفحول في اللغة العربية أصحاب المعلقات السبع، والمتنبي، وأحمد شوقي، وأبو القاسم الشابي، فكل هؤلاء الشعراء تميزوا وبرعوا بالبلاغة وجزالة اللفظ والمعنى الحقيقي بالأداء والاستخدام وفي بحور الشعر. وأجمل المحسنات البديعية التي تضيف لمسة جمالية تطرب المسامع لكل من له تذوق في الكلمات الشعرية.

فاللغة العربية هي لغة سهلة التعايش والفهم والتحدث من قِبل كل من اراد أن يتقنها ولله الحمد، فأغلب السكان في الدول غير العربية تعلموا اللغة العربية ومارسوها بشكل جيد في دولهم وفي الدول العربية ودول الخليج حتى أصبحوا يقرؤون “القرآن الكريم” والكتب العربية والدينية، واتضحت لهم بعض الأمور التي كانت غامضة عنهم وكانوا يسمعون عنها عكس ما قرؤوه من كلمات قرآنية وأدبية وثقافية وحضارية وتراثية ومجتمعية، وقد اكتسبت اللغة العربية الإبداع والجمال والذوق والفن من حروفها عندما تقرأ وتنطق وتسمع وتكتب بالخط العربي والنسخ والرقعة والكوفي والديواني فسوف ترى اللمسة الفنية في تلك الحروف والزخارف والنقوش والحركات التشكيلية، وهي أيضاً تظهر في كتابة كلمات “القرآن الكريم” والنقوش التي تُكتب في الجوامع والمساجد والمدارس والمعاهد وعلى صفحات الكتب والصحف، وعلى أطقم المجوهرات والفضة، وهذا ما يتميز به “القرآن الكريم ” الذي أُنزل باللغة العربية قلب الامة النابض، ولسانها الناطق، فهو مفتاح الهوية وقاموس الأسرار، وهي أهم طرق التفكير والتواصل، وهي اللغة المعاصرة التي تنتشر في المجال الجغرافي الواسع الذي يمتد بين القارتين آسيا وأفريقيا، واللغة العربية يتحدث بها ملياران من البشر، بالإضافة إلى أنها أقدم اللغات في العالم، وأكثرها ثراءً على مستوى اللغات، من حيث الألفاظ والتركيبات والأساليب البيانية، هذا التميز والانفراد هو ما جذب إليها الاهتمام من قِبل علماء اللغة العرب والغربيين، الذين اندهشوا بالجمالية ذات الباع الطويل لهذه اللغة، التي تنفرد بالفضائل والخصائص الحميدة عن سواها من اللغات التي نُكنّ لها كل التقدير والاحترام.

ولا يمكن أن ننسى الدور الكبير الذي بذله لنا معلمنا الأول جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه – في عهده، حيث أخرجنا من الظلمات إلى النور، وتخرجت على يديه الكثير من الأفواج والكوادر الوطنية المؤهلة لبناء هذا الوطن والحفاظ على مكتسباته بالقطاع العام والخاص.

نهنئ كافة الهيئات والدوائر التدريسية والجامعات والكليات والمعاهد والمدارس ومعلمي اللغة العربية في مختلف المحافظات بالسلطنة الحبيبة بهذا اليوم المجيد، الذي ومنذ انطلاقته فتح لنا آفاقاً في القراءة والكتابة والتدرج في جميع المراحل التعليمية .

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights