يوم سابع
مريم شملان
هي كانت لي جارة منذ وقت مضى، في غير هذا الوقت وغير هذه السنوات، كانت قريبة من منزلي، وتُعدّ الجارة الوحيدة في تلك المنطقة الحديثة التي قامت على أنقاض منازل خالية من السكان، إلا من بعض المنازل القديمة، العائدة لسكانها الأصليين، والتي بدأت عجلة الزحف عليهم في وقتنا الحالي.
رأيتها متكئة على جذعٍ خارَ قواه ومال، وتفرعت منه أغصان كبيرة، وأصبح لها ظلّ.
أقتربتُ منها بالتحية والسلام، ووضعتُ يدي على يدها ومن صوتي وحديثي عرفتني مَن أكون، وكانت قد وضعتْ أمامها عُلب مملوءة، وصناديق صغيرة وكبيرة، وقِدر متوسط، وأوانٍ مختلفة، وحافظات للمياه الباردة والساخنة، وكانت بانتظار من يقلّها بسيارة في ساعات المساء للعودة لمنزلها.
وفي السوق، كنت أتبضع وأتجّول، بادرتها بالسؤال لكوني أعلم من تكون وما كانت، وكنا في يوم ما تربطنا ببعضنا علاقة الأخوات والجيرة التي لم يكن لها خطوط، وبيننا الاحترام والذكرى الطيبة، بادرت بالسؤال: ما هذا؟
تجيبني بكل طِيب وحُب، هذه بضاعة يوم سابع، فأجبت:
ما زلنا في الرابع من ذي الحجة، نظرت لي وقالت:
يوم سابع سنذهب “للبسطة”. أدركت أنها ليس لها ما تهتم به، وما يشغلها إلا اليوم الذي يمر عليها، وهذه خصلة تتميز بها، وأنا على علم بذلك، ولكونها تعيش حياتها البسيطة، ليس لديها ما يُقلقها إلا قوت يومها لتمرّ الحياة بسلام.
وهكذا كانت منذ أن عرفتها، تستيقظ صباحاً حتى يأتِ المساء، وهي كالرحى تدور وتدور لتنجز ما حَلمت به من توفير ما ترغب به من مأكل وملبس في حياتها، أجبتها: وهل يوجد سابع؟ أذكر أنه ذهب في أقدام الذاهبين، ولم يبقَ منه إلا “الهبطة” وهذا المُسمى الدارج والشائع في أسواقنا في الأعياد، فابتسمت لي وكأنها سعيدة بما يجود به أهل تلك المنطقة ورجالها المُهتمين والمُتمسكين بما تركه أجدادنا لنا، لتؤكد لي بمزاح يضيف على الحديث بهجة: اليوم السابع عاد، ونحن نستعد له، فقد أخبرونا بأن مكاننا موجود في هذا اليوم، ومن يودّ منّا ومن العائلات الأخرى الراغبين بالكسب والبيع، سُعدت بأن التاريخ قد عاد إلى الحياة، وبأن العُماني قادر على أن يحتوي إرث له اسم وتاريخ ومناسبة إسلامية، ويكون يوم لشبابنا يجتمع فيه الحاضر والماضي في هذا البلد الغالي، والذي أسعدني أكثر عندما أظهرت لي ورقة كُتبت من الجهة المختصة لهذا الحدث، وبأن الوافد لا مكان له في هذا اليوم، فقط العُماني من يعمل ويكسب ويكون من ضمن دائرة التعاون المُثمر الذي يعود بالفائدة والمنفعة لمؤسسات البيع الصغيرة والأُسر المنتجة لمدة ثلاثة أيام من إعادة الحياة لروح العيد ولليوم السابع.