انقضى شهر رمضان
يوسف الشكيلي
لم يتبقى من شهر رمضان إلا يومٍ واحد ؛ وبهذا لا بد علينا أن نحرص كل الحرص على المثابرة والمجاهدة بكل ما أوتينا من عزيمة وإرادة، وعدم التخاذل والكسل حتى لا يضيع علينا ثواب هذا الأجر العظيم ونفرط فيه بإنشغالنا في أمورنا الدنيوية، وأن لا نستسلم لوساوس الشيطان بما يخل من صومنا وصلاتنا وقيامنا وقراءة القرآن الكريم.
فمن اجتهد وعرف ما ينبغي عليه من هذا الشهر الفضيل؛ فقد نال الخير الكثير وبات من الناجين، إنا الغافلين عن ما هو مطلوب منهم وما ينبغي أن يكونوا فيه فهم بلا شك قد ضيعوا وفرطوا في نيل الثواب؛ ولذلك علينا أن نشمر ونعقد العزم ونصابر، ولا نجعل في نفوسنا من يحيدنا عن جادة الصواب في اللهو أو يفسد أعمالنا في هذا الشهر المبارك وبما يشغلنا بالابتعاد عن الطاعة.
فما أحوجنا أن نتقرب إلى ربنا، وندعوه أن يغفر لنا خطايانا وذنوبنا، وبأن يشملنا برحمته ومغفرته، وأن ننال منه سبحانه الأجر والثواب؛ حتى نسعد في الدارين، وهذا بلا شك هو شأن المؤمن التقي الورع.
لقد منّ الله سبحانه وتعالى علينا في هذا الشهر الفضيل بليلة القدر؛ وهي خير من ألف ليلة، لما لها من ثواب عظيم، وعتق من النار ورحمة ينالها العبد من ربه ويدخله الجنة. قال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)}. [سورة القدر].
ففضلها عظيم لمن أحياها إيمانًا واحتسابا، وأحياها بالصلاة، والذكر، وقراءة القرآن الكريم، والاستغفار، والدعاء؛ فهي ليلة عامة لجميع المسلمين، فقد روى أحمد – بإسناد صحيح- عن ابن عمر – رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” من كان متحريها فليتحرها ليلة السابع والعشرين”.
لقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- حريص كل الحرص في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك أن يعتكف ما لا يجتهد في غيرها، وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ” كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره”.
فعلى المسلم الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- والسير على نهجه؛ فهو الأسوة والقدوة، وعلينا بأن لا نضيع في وقتنا سدى باللعب واللهو؛ بل علينا بالجد والاجتهاد في العبادة، امتثالًا لأوامر الله سبحانه وتعالى، ففي هذه الأيام خير وبركة، فلا نعلم هل سنعيش إلى العام المقبل أم نرحل عن هذه الدنيا ولا ندرك رمضان السنوات القادمة.
إذًا لا بد أن نحرص على قيام وإحياء هذه الليالي المباركة حتى ننال الجزاء الحسن، والفوز بالرحمة والمغفرة
وجنة الفردوس الأعلى برحمته سبحانه.