وسط الزحام
بدرية بنت حمد السيابية
في يومٍ جميلٍ يحمل بين طيّاته الفرح والسرور، شاهدتُ بعض العصافير الصغيرة وكأنها تتسابق لشىءٍ ما، وظلّت عيناي تراقبان هذه العصافير الجميلة إلى أن وصلتْ نحو عشّها لتسكن بأمان وسلام في عشٍّ صنعَته لهم أمهم الحنون، وهي تفرد بجناحها لتحمي صغارها من أعداءٍ يتربّصون للهجوم والقضاء على مسكنهم الصغير، فهذا المنظر أعده من المناظر الجميلة الراسخة في عقلي، سبحانك ربي ما أعظمك في مخلوقاتك.
وكثيرةٌ هي المَشاهد والمناظر التى تأخذنا في تفكير عميق، ونسرح في أفكارنا ونستعين بالصور الجميلة لكي نلجأ إليها في قادم الأيام، لننسى يوماً متعباً مرّ علينا وهو مليء بمفاجآت قد تكون مفرحة، وأحياناً تكون محزنة، عند جلوسنا بمفردنا في مكانٍ أحببنا الجلوس فيه لساعاتٍ طويلة، نستعيد تلك الذكريات الجميلة السعيدة كشريط يمرّ أمام أعيننا والبسمة لا تفارقنا، إلى أن نستفيق ونعود إلى واقعنا، وتأخذنا التنهيدة إلى ممرٍ ضيّق نتنفس فيه عن أيام رحلتْ ولن تعود.
لم نُخلَق في هذا الكون الواسع لكي نحزن ولا لكي نحمل على عاتقنا هموم الدنيا وما فيها، فكثيرٌ منّا يقف عند حدٍّ معيّن، وتجده يشغل باله في غرضٍ معيّن فتزيد الأفكار وتعصف عواصف الأوهام، وكأنه قد نسي بأن هناك خالقا مدبرا لأمورنا في كل مكان وزمان. قال تعالى يوضح قدرته في كل شيء سبحانه: «اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَواتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا» (الطَّلاق:12).
عِشْ حياتك بكل تفاصيلها، وامنحها الحبّ الأبديّ، فالحياة جميلة، وخاصة إذا فهمنا معنى الحياة والتكيّف معها، لا تجعل همّكَ وتركيزكَ على شيء يُتعب قلبك وعقلك، عِشْ الحياة بهدوء وتناغم مع إيجابيات وتوقعات ترسم لطريقك ممرّاً يسعد نفسك، خطّطْ ونفّذ أهداف حياتك بعيداً عن المشاحنات وسط زحام السلبيات التي لا تجلب معها إلا الصدمات والحزن. افتح لنفسك آفاقاً تعلو من خلالها نحو تحقيق أمانيك وآمالك المنتظرة.