رحلة شتوية برمال الشرقية بولاية بدية (الجزء الثاني)
خلفان بن ناصر الرواحي
تعدُّ رمال الشرقية هي بين أفضل الأمكنة التي يقصدها السيّاح من الداخل وخارج سلطنة عُمان الحبيبة؛ وبالرغم من أنها منطقة صحراوية فإن جوها الشتوي يزيدها جمالًا وروعة.
لقد كانت تسمى قديمًا برملة آل وهيبة، أما المسمى الحديث لها فهو “رمال الشرقية”، وهذه المنطقة الرملية برمالها الذهبية يبلغ طول حدودها نحو ١٨٠ كيلومترا من الشمال إلى الجنوب و٨٠ كيلومترًا من الشرق إلى الغرب، أي بقرابة مساحة إجمالية قدرها (١٢٥٠٠ متر مربع)، وتم الاهتمام العلمي بها بالتعاون والتنسيق بين حكومة سلطنة عُمان والجمعية الجغرافية الملكية- هي جمعية علمية أنشئت في لندن عام ١٨٣٠م، مكوّنة من المهتمين بالاستكشاف، والدراسات الجغرافية- وذلك منذ بدء الحملة العلمية فيها عام ١٩٨٦م من قبل فريق عمل الجمعية، وتشير بعض المصادر بأنها استطاعت توثيق تنوع التضاريس والنباتات والحيوانات فيها، وقد تم إحصاء ما يقارب (١٦٠٠٠ ) نوع من اللافقاريات فضلًا عن (٢٠٠) نوع من الحيوانات البرية الأخرى، وكما وثقت أيضًا قرابة ١٥٠ نوعًا من النباتات الأصلية التي تنبت بها.
إن الزائر لهذه الرمال سيجد نفسه في عالم آخر من التأملات في طبيعتها الساحرة، وترى بأم عينيك كيف يستمتع الزائرون لها بمفرداتها، وعلى مقربة منهم آخرون من عشاق الطبيعة الذين يمارسون أيضًا هواياتهم على تلال الرمال الممتدة، فمنهم من يستمتع بالصعود والمشي على الأقدام، ومنهم من يمارس اللعب فوق الرمال والتزحلق فيها، فضلًا عن خوض تجربة ركوب الجمال، وقيادة السيارات والدراجات، وغيرها من الأنشطة.
إنّ السياحة الداخلية في وطني الحبيب سلطنة عُمان له وقع خاص بالنسبة لي، وتجربة تتميز بروح الانتماء لترابه وعشقه المتفرد بطبيعته الساحرة والمتنوعة؛ فكل ذرة رمل وشجرة في الصحراء هي بالنسبة لي لوحة فنية جميلة، وفرصة سانحة للابتعاد عن ضوضاء المدن وصخبها، وضغوط الحياة العصرية.
لقد استمتعت كثيرًا بهذه الرحلة الجميلة برمال الشرقية بولاية بدية، بين ماتعة المكان ومشاركة الأصهار بين حوارات وأنشطة، وبجوها الشتوي الرائع، وهدوء الطبيعة في مثل هذه الأماكن تستهويني جدًا وأشعر فيها براحة كبيرة، ومثلها أيضًا الشواطئ والأودية.
وختامًا، ومن وجهة نظري الخاصة تبقى رمال الشرقية في صدارة الوجهات الشتوية التي يرتادها الكثيرون، حتى أن بعضهم يقضي فيها أيامًا ليستمتع بروعة الرمال في الأجواء الباردة؛ حيث توجد بها العديد من المخيمات الثابتة والمجهزة لاستقطاب السياح.
وهكذا ستظل سلطنة عُمان بما حباها الله من مناخ رائع خلال فصل الشتاء مؤهلة لجذب السياح من الداخل أو الخارج خلال هذا الفصل، ومما لا شك فيه أن وطننا يمتلك الهدوء والأمن والبيئة الصحية الأقل تلوثًا، والمناخ المعتدل شتاءً في أغلب مناطقها؛ ومن ثَمَّ فإن ما ينقصنا في هذا الجانب هو رفع مستوى الخدمات العامة في المناطق السياحية، كالخدمات الصحية، وخدمات الطرق والاتصالات؛ وهي جوانب لا يمكن لهذا النمط أن ينتعش دونها، ويحدونا الأمل أن ترى النور في مختلف المواقع السياحية والثقافية الجاذبة، والمحفزة للتنوع الاقتصادي.