(التعامل اللطيف هو اللغة التي يستطيع سماعها الأصمّ ويستطيع رؤيتها الأعمى)

يوسف بن سالم الحميدي

مارك توين

قالت لي إحدى الفتيات:
أنت رجلٌ لطيفٌ جداً، لقد أحرجتني بلطفك.

فقلت: لا داعِ للإحراج، ولكنْ هذا دليلٌ واضح على معدنكِ الأصيل وقلبكِ الطاهر.
عندها احمرّتْ وجنتاها وقالت لي شكراً بحياء، وبعدها ساد الصمت بيننا.

فقلت لها: لا عليكِ، فأنا اعرف ما بداخلك، وأسمع قلبكِ يصرخ، يناديني، ولكن حياؤكِ يمنعكِ من أن تلبّي رغبة قلبك المتعطش:
للاهتمام.
للحب.
للاحتواء.

نعم، أنا هو ذلك الرجل الذي يبحث عن وطن لمشاعره المبعثرة، ولن أفتح المجال لليأس أن يسيطر.
فأنا لم ولن أستسلم،
سوف أظلّ أبحث وأفتّش
عنكِ في كل مكان، ولن أضيع لحظةً واحدة من عمري دون أن أفتّش عنكِ، تعالَي لأخبركِ ما حلّ بي؟
لقد جمعتني الحياة بأشخاص لم يفهموا معنى الحب؟
ولم يعرفوا ما هو العشق؟

فأغلب البشر يظنون أني عابث، وأنني ممن يبحث عن التسلية، ويظنون بي الكثير، ولكنني لم ولن أبالي، أتعلمين لماذا؟
سأجيب على نفسي لأنك لا تعلمين، فأنا الرجل الذي جاء من أقصى الهموم والأحزان، يبحث عن محبوبته الغائبة التي وعدته بالحب والحنان، وأقسمتْ أن تصبح له ذلك الوطن الذي لا يهوى العيش خارج حدوده، وأن يستمتع هو وحده برائحة النرجس والأقحوان.

أين ربيعك؟
لأستمتع بألوانه الجميلة في الصباح الطلق، الذي هو مبعث الأمل.
أين أنتِ يا حبيبتي؟
فأنا أنتظرك منذ زمن بعيد؟
بالله عليكِ تعالَي، فمشاعري ذبلت وهي عطشى وحزينة،
تعالي يا حبيبتي الغائبة، فالحب الذي في قلبي لك أغلى من الزمرد والمرجان.
تعالي يا حبيبتي أنقذي حبك الذي تلاحقه العيون لتحسده.
تعالي حصّنيه بأذكار حبكِ واسقي مشاعره المضمحلّة،
تعالي لملميني فأنا أصبحتُ أجزاءً مبعثرة، ومشاعري مندثرة.
تعالي يا حبيبتي فأنا لم أعهدكِ قاسيةً هكذا.
تعالي، فمشاعري ثائرة كالبركان، ولكن قلبي متحطم كفوهة البركان، وممزق كثوب طفل شردته الحياة.
تعالي فأنا سئمتُ من هذه الوحده المؤلمة.