الوله المرموق..
شريفة بنت راشد القطيطية
المساء الهائم في الروح يغتسل من مدارك البعد ولهفة الإحساس بالنبض والحنين، يتعامل مع الطيف كأستاذ فلسفة، ويشرح خواطرك بالأشعة تحت الحمراء، ربما تتهرب من أسئلته التي تكشف ضعفك وخفقاتك العذبة المعلنة من مداخل الشرايين وخروج النبض على هيئة الوله المرموق، الملقاة على عاتق الكبرياء، المعذبة بأساطير وخرافات مدرجة للتعمق في وجه ذلك الأستاذ المبهم غير الواثق من إجابتي، المساء يجعلك تهرب من الروح ذاتها وتسكن خيالاتك الخاصة؛ لأن الواقع لا يمد بصلة لنفسي ولا يأبه بتفاهات الحب وحصيلة الذكريات، المساء يلمع بالإيضاح ويمتلأ جمالا بقربك مني؛ كي لا اضطر لمحو الإجابة الصحبحة .
يتراجع الوله الذي كان يسابق اللهفة إليك ويشتد الأسى والحزن على أحوال مختومة بالشمع الأحمر، لا مجال لها أن تعيد برمجة لأي شعور، فهو إحساس تلقائي لوهج الروح التي استضافتها روحك وإلى الأبد، ولكن تبقى نقطة إذا جاءت ولو برهة واحدة تجد نفسك أمام باب من تحب، وتطرق عليه أمواج شوق خامد في الروح، ويتولاك القلب دون أعذار، دون أن يشفع لك ذلك العشق وستجد نفسك حطبا لموقده ويتدفأ بك من برد الشتاء، إنها الحياة وأحوالنا جميعا في الأرشيف، ولكني اشتقت أن أتصفح ملفك للمرة الأخيرة .
الأنثى التي تعرفها الٱن رتبت كل أخطائك وعلقتها تحت الشمس، وحزمت كل الحقائب وحان موعد السفر، كان يحكى أن امرأة تمادت بالعشق لحد الهيام، وتعودت على التقاط الوجع من تحت الجلد، تعودت أن تجتاز غربتك وتصفح خوفك وابتلاع جبروتك وإجهاض حماقتك، كانت تعانق سرا قوتها، وتنبت في الصخر عشبا أخضر تتكسر عليه أمواجك الهوجاء، كانت ترسم على وجه الشمس ملامح مبتسمة رغم وهجها وسخطها، وتعلق على احتوائك زمرا من لهفة، تعودت أن تتلاشى وقت زيارة الطيف، لم يعد لمكانك ظل وليس له وطن ولا هوية، الهوية عمرتها رصاص حي مزق كل عبقك العالق في ثيابي، ومقابر أنفاسك مثلت مراسم الدفن!، الأنثى التي خلقها حبك عادت طاهرة قبل كيانك، قبل انبعاثك قبل توسدك، ماذا يعني زمنك القاحل وتحولك المستمر من عاشق لفاشل؟. يختبئ في كهف بارد، ويتنازل عن مهامه ويرحل .
اتخذت من غربتك أحرفا هجائية وتعلمت القراءة، كنت قبل مجيئك أتهجأ الحروف وأكون منها كلمات، والٱن أنا مبدعة في تركيب الجمل لتزج بك في غربتي، وأجعلك مبتدأ وخبرا وجملة فعلية وشبه جملة..، حتى صرت خبر كان منصوبا بالفتح وأنت لن يكون لك أي محل من الإعراب بعد اليوم، ستكون لك الذكرى التي سأجاهد نفسي أن أبعثرها من عقلي وأهدد القلب، صرت اغترابي الذي يجعلني أشتاق لنفسي والعودة إليها ومعي الليل يلهث ويحرك أطرافه لنيل العطف، أشتت زحامك في قلبي، وأقتلع الإشارات ولن أنظم سيرك في الشرايين، مسحت من خارطة عقلي مفتاح الخريطة الذي يشير إليك .
ادخل في اتجاهي إليك وحولني إلى زوايا متساوية، واجعلني متتاليتك واكسرني إن شئت او اجمع أشلائي وحولها لأنصاف دوائر، أقبل بكل ثبات لديك وزمجر في وجهي أكثر، غايتك تنفجر وتهرب وتمسح أي ملامح للثبات، حول كل ما تبقى لك عندي بين قوسين واحتمالات وأبعاد، ليس لدي عامل مشترك ليجمعنا ويناضل من أجل الغيم، وليس لدي منازل عشرية لتقربك من أوردتي وتشطر قطرها نصفين، أنت الآن في ورطة ولديك معادلة صعبة، وكيف ترجعني إلى دفتر حسابك؟! رحل الحب وانتهى الدرس .