المطلعي
مريم شملان
حزينةً مكتئبة خائفة وجِلة من المستقبل تدور في منزلها حائرةً فمن ليلة البارحة وهي تعد عدة الرحيل للذهاب الى (مطرح) لتكتمل فرحتها بوصول ما تمنت وما حلِمتْ به ولكن لن يكون إلا بوجودها عند ذويها لعونها على من سيحل ضيفاً عليها مع انتظار من غاب عنها منذُ أشهر في رحلة الغوص التي تمتدُ أشهر حتى يعودوا (الطواويش) من رحلة جلب اللؤلؤ من (الغبيب)
تستمر (زوينة) وتهم في إغلاق الباب وتقف لبرهة للتأكد بأنها لم تنسَ شيئا وقد وضعت كل شيء بمكانه تم عادت فأغلقت الباب بالقِفل ومضت في طريقها.
يللي مسافر بحر قولي متى الرده
طول عِداد الشهر…. وطالت المده
دينن علينا ودينن…. ما نقدر نسده
هات الخبر منهم…. .يو طير وصيه
حنا طلبنا القرب….. بالدار نبغيه
بتقر عيني…… انا بالشوف برويه
يا بحر هونك عليه محبوبنا عندك
تمضي زوينة مكملة طريقها الى السيفة حيث هناك المكان المتعارف عليه لجميع أهالي تلك المنطقة البحرية التي تنام على رمال البحر الساكنة ألا من من صغار يلعبون ونسوة أتين لِوداع من سيذهبون في رحلةً ربما تمتد سنوات.. أو يعودون خِلال أشهر يقف مركب ( البوم) ..شامخ في البحر الذاهب إلى مطرح مرورًا بمناطق أخرى والبحارةُ قد تهافتوا للركوب في ( البوم) .
وقاموا بإنزال (الماشوة) لِجلب الحمولة والركاب الذاهبون الى مطرح الحالمة أو الذاهبون الى أماكن أبعد من ذلك ويحملون بحارتنا…… المؤونة وما يلزمهم برحلتهم (وزوينة )من ضمن المسافرين ، ذاهبة لزيارة أهلها ولتضع وليدها ….. ولتتم ولادتها عند ذويها وأقاربها (بمسكد)..أكملوا البحارة والمسافرين… في تحميل ..عِدتهم وركوب ( البوم ) الذي سيرفع عنه (الأنير) وترتفع الأشرعة مع وداع ربما يكون أبدي لا عودة منه أو يكون القدير برعايتهم ويعودون…(ياامليه) النهام ) وصوته الشجي..يستمد قوته من الله والمركب تمده الريح بقوة عجيبة لتحركه وتبعده عن الشاطئ والذي يعتمدون فيه البحارة والمسافرين للوصول الى (البوم) على (الماشوه ) يحملون ما تكون وما يكون. من تمور وسمك وقمح وليمون مجفف وطعام لهم حتى يصلوا إلى (مطرح) .ومن هناك يتزودون بما يحتاجونه للسفر الكبير والإبحار البعيد.. إلى الهند وسيرلانكا. وسواحل أفريقيا ممباسة وزنجبار رحلةً تمتد أعوام وبعضها موسمي يعودون عندما تهب الرياح الموسمية وتعود بِهم إلى الوطن .تمضي الأيام الأولى بالمركب ولكل عمله والسيدة تتمنى مرور الأيام والوصول سالمة إلى موطنها (مسكد) إلا أن القدير شاء أن تعتم الأجواء ويتبدل الليل ونجومهُ المزهرة و الجو الصافي البديع…. الى غيوم سوداء كثيفة ، وبدأت الرياح تهز أوتارها وترسِل أصواتها تارة بالصفير ، وتارة بالعويل تبعثُ التحذير والبحارة صوتهم يعلو شيئاً فشيئا يستنجدون بالله القدير (والنوخذا) بإرشاده وصوتهُ الحازم يمد البحارة بالطمأنينة والعزم لإنزال الأشرعة والنوخذا ينادي بكل هِمه (المطلعي ) يُخبر البحارة بنوع الرياح التي قدِمت إليهم وهي رياح موسمية شديدة تضرب البحر ويعلم بها البحارة وهم أدرى بها اشتدت الرياح وهاجت الأمواج ذهابا وإيابا بالمركب وبدأت… الأمطار والرياح تغالب الموج والبحر في شدته وهذيانه وغضبه…….هنا بدأت الأمور تتضح للبحارة والمسافرين بأن (زوينة) على وشك الولادة….وبدأت الامور تسوء والرياح يشتد عويلها وصفيرها تصب جام غضبها على المركب الذي يغالب الموج العتي…والبحارة في سطح البوم ممسكين بالذي يستطيعون من حبال وأشرعة….والمسافرون بين الخوف والرجاء جاثمين في (الخن)..و قد حان وقوع الحدث (لزوينة) المخاض والولادة وتتم مساعدتها من قِبل سيدة وأخرى كن معها على متن المركب…يشتد المطر والصبر على الرياح والموج العاتي الذي يرفع المركب مع صيحات البحارة بالتسبيح والدعاء، وتنزلهُ من عُلو….مع الحمدِ والشكر ، شيئا فشيئا بدأت الرياح في التحول إلى متوسطة القوة ، وبدأت الأمطار بالتوقف تدريجيا..
وبهدوء بدأت العاصفة تسحب ذيولها ، لتمنح المسافرين والبحارة فرحة النجاة بقوة الله الذي كان معهم ونجاهم من (المطلعي) …وفرحة وصول الضيف الذي أتى قبل موعده و كانوا مرحبين به (بالبوم)
هبت هبوبه بالرعد………. سيلن غدى خاطف
برقك ضرب بالبحر……….. زاير قوي بعاصف
يالمطلعي عاتينٍ ………….ما يوصفك واصف
غابت نجوم السماء……………..عنا وقتنا غاب
يا ديرتن طايبه ………….هيه سكن الاحباب
اليوم نمشي بحر……………..باكر على الأبواب
قاصد بلادي ازور …………….أهلي وعرباني
—————–
1 – البوم مركب شراعي تجاري
2 (الطواش صائد اللؤلؤ
3 – الماشوة…سفينة صغيرة للتحميل بالمركب.
4 -(الخن )هو قعر المركب. يستعملونه كمخزن
5 – المطلعي رياح موسميه.
6 – (الغبيب أماكن بالبحر لصيد اللؤلؤ..
7 – النوخذا ربان المركب