تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

تُؤَدَة المعاني وماتعة الترحال

خلفان بن ناصر الرواحي

يعدُّ الترحال أو السّفر أسلوبَ حياة وماتعة للمسافر للمكان المزور، فمُخطئٌ من يدخل باب الظنّ في نفسه بأنهُ ما هو إلا جالبٌ للمشاكل والتعبِ ومضيعةٌ للوقت والأموال، فمن لم يخض التجربة الحقيقية بمعانيها الكاملة فلن يستطيع أن يدرك حقيقة ماتعة الترحال، ولا أن يفكّ رموز مفردات معانيه؛ حيثُ إنّ العديد من النّاس قد عرفوا حقيقة السّفر وأهميته، وفكوا شفرات المعاني، فتراهم قد عزموا، وهموا بحزم أمتعتهم في كلّ فرصةٍ تُتاح لهم من وقتهم الثمين، ووجهوا بوصلة البحث عن مكان تلو مكان متى شاءت لهم الفرصة وتوفرت الممكنات للسّفر.

لقد تطورت الأساليب والتقنيات الحديثة التي أسهمت وتساهم في ترسيخ مفهوم السّفر والسياحة؛ حيثُ يسّرت التكنولوجيا الحديثة السّفر بوسائلها المختلفة، سواء محركات البحث أو خبرة المسافرين المتبادلة في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، وتجارب الأصدقاء وهواة السفر، بالإضافة لكثرة الشّركات التي تنظّم الرحلات للعديد من الأماكن التي تستحقّ السَّفر، فأصبحت الأمور أسهل مما كان، وما على الإنسان إلا أن يبحر في البحث ويُحدّد غايته من السّفر، ويوفر الإمكانات المادية التي تعينه لتحقيق مراده قبل أن يشرع في حزم تذاكر السفر وإعدادها، وأمتعته الشخصية التي تعينه ليُحقّق أكبر فائدةٍ مرجوّة من سفره، كما أن عليه أن يعدّ برنامجًا ممنهجًا يستفيد منه لتحقيق الغاية العظمى، ويتعلم من تلك التجربة لينقلها للآخرين بأسلوبه الخاص، ليعيش التجربة بكل تفاصيلها، مع حرصه على المحافظة على هويته الشخصية والوطنية، ليكون نموذجًا حيًا ومرآة لواقعه المعايش، ليؤدي رسالته عن واقع حياة الناس والوطن.

كما أنّ عليه أن يضع في الحسبان حسن التّصرف بحكمة واتّزان في التّعامل مع الآخرين، ويحترم ثقافة الشعب والأنظمة والقوانين، ولا يتدخل في خصوصيات لا تعنيه بقدر ما يستفيد من إيجابيات يراها مقنعة وقابلة للقبول في وطنه ليُستفاد منها كمنهاج حياة خاصة أو عامة وتتماشى مع مبادئ الدين والخلق الرفيع؛ حيثُ إنّه يُعدّ سفيرًا لبلده وثقافته في أيّ مكانٍ يزوره.

بالإضافة لذلك، فإن السّفر يحتاجُ -بلا أدنى شك- للكثير من الرويّة والهدوء وضبط الأعصاب؛ لاحتمالية الوقوع في بعض المشكلات التي يُمكن أن تواجه وغير متوقعة، كما أنّ على كل مسافر ألّا ينسى التفكير في الجانب المادي والاقتصاديّ في أثناء سفره، فيقتصد ولا يُسرف، ويوازن بينهما ليجدَ المُتعة والرّاحة؛ حيثُ يمَثِّلُ السّفر صورةً واضحةً من صور الحياة التي يعيشها الفرد ويعكس واقعه الفعلي، فعليه أن يعيشها بشكلٍ يتوافق مع مبادئه وقيمه، ويبتعد عن كل ما ينغص عليه حياته الخاصة.

كما أن لكل كاتب وأديب أسلوبه الخاص في فرد حروفه في تُؤدةٍ بمعان وأسلوب يميّزه عن الآخرين في نقل الحقيقة دون مبالغة، وعليه أن يعيش تلك اللحظات في السّفر في ذكرِ المناقب، والدروس المستفادة أيضًا، فبالرغم من أن السفر والابتعاد عن الوطن والأهل قد يكون أمرًا ربما قاسٍ على بعضنا في بعض الأحيان، فإنه يعدُّ فرصة سانحة لصاحب القلم خاصة في التعبير عن انطباعه ورأيه، ومما لا شك فيه أن للسفر العديد من الفوائد رغم ما يشوبه من إيجابيات وسلبيات في نفس الوقت، فالابتعاد عن الأهل والوطن والأصدقاء والمعارف المقربين لفترة معينة؛ يعلمك الاعتماد على النفس ويكسبك مزيدًا من الثقة بها، وكما ذكر الإمام الشافعي في قصيدته “في فوائد السفر” أن للسفر خمسة فوائد: فقد يكون السفر لاكتساب العيش، وقد يكون لطلب العلم، والتعرف على أناس آخرين وثقافات ومعلومات جديد، وتفريج الهموم، والعديد من الفوائد الأخرى؛ فلنجعل سفرنا ماتعًا بحروفنا وذكرياتنا الجميلة.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights