أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
الصورة شيء جميل وبسيط يتم التقاطها في وقت قصير جدًا ربما لا يتعدى الثانية الواحدة، فضغطت زر واحدة تكفي لأن تجمد المكان والزمان، وتضعه في حيز صغير، وتصنع منه شيء جميل ورائع، وتصبح هذه الصورة ذكرى مدى الحياة، أو ربما تختفي أو تضيع في يوم من الأيام، لذلك يمكننا القول بأننا نعيش في زمن الصورة، والشاهد على ذلك العدد الهائل من الصور التي نراها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لذلك يقول البعض بأن الصورة سبقت الكتابة، فالإنسان اعتمد على الصورة والرسم قبل أن يخترع الكتابة.
الحياة أثمن هدية من الله، وهي فرصة ثمينة لكل شخص منا، وكلنا نجزم بأن لا شيء يساويها في هذه الدنيا؛ لذا يجب علينا احترامها وحبها وتقديرها والحفاظ عليها، وكلنا نعرف كذلك بأن الحياة قصيرة جدًا، فنحن نتقدم يومًا بعد يوم، بمعنى نحن نفقد كل يوم جميل من حياتنا عندما يصل لنهايته، يقول نيرانكاري بابا: “الحياة ثمينة للغاية، كل نفس نأخذه ثمين للغاية، علينا أن نقدر هذا، لا نعرف في أي لحظة من حياتنا سيكون هناك صمت فجأة، لذا عشها بالحب والسلام واجعلها سعيدة”.
ما نراه اليوم من فقد للأرواح والحياة من أجل التقاط صورة لهو مؤشر خطير ودلالة على أن الصورة أصبحت خطيرة جدًا، لدرجة أن بعض الدول أصدرت وشرعت قوانين لها، أيعقل أن تعادل صورة تلتقطها بجهازك حياتك!، أصبحنا نرى الكثيرين من البشر الذين يفقدون حياتهم من أجل هذه الصورة، ما المحصلة من ذلك؟، وما الفائدة المرجوة منها؟، لماذا تخاطر بروحك من أجلها؟، إن التفكير في التقاط هذه النوعية من الصور وبهذه الطريقة ليس إلا مضيعةً لحياتك بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ليس من الغلط والعيب أن تذهب لأي مكان بهذه الأرض، وتلتقط صورًا مختلفة ومتنوعة وتحتفظ بها، ولكن أن تُعرض حياتك ونفسك والآخرين للخطر هنا المشكلة الكبرى، ما الذي يدفعني لأن أقف على حافة جبل شاهق الارتفاع؟، وما الشيء الذي يجبرني أن أقف على ضفاف نهر أو صخرة في وسطه؟، ما الفائدة المرجوة من عبور وادي يجري بقوة؟، أيعقل أن تفعل بنا الصورة هذه الأفعال!، هل من المعقول بأن الصورة تدفعنا بهذه القوة لهذا العمل؟، كلنا نؤمن بقضاء الله وقدره، ولكن الله أعطانا عقلًا لنفكر به ونميز بين ما هو مضر لنا ونافع، إذا كان الدافع لالتقاط هذه النوعية من الصورة وبهذه الكيفية فيحتاج لنا مراجعة أنفسنا مراجعة جادة، فالحياة أغلى وأثمن من الصورة.
الحياة جوهرة بين يديك، الحياة أنت من يمتلكها وليس غيرك، حياتك لا تساوي شيئًا في هذه الدنيا، فحافظ عليها لأنها ثمينة، وأنت الوحيد الذي يعرف كيف يستثمرها، فلا تخسرها بسهولة من أجل التقاط صورة.
