أحمد بن خلفان الزعابي
zaabi2006@hotmail.com
يا له من أمر رائع أن يكون الإنسان بطلاً يحقق الإنجاز تلو الآخر، يفخر بذاته وبما تحقق له من بطولة، ويفاخر ذويه بما تمّ إنجازه، تنتشر أخبار الإنجاز على منصّات التواصل الاجتماعي، ويذيع صيت البطل في مختلف الأرجاء. ولكن، هل ما تمّ إنجازه حقيقة أم وهم وزيف؟
أجزم بأن الجميع قد شاهد خلال فترة عيد الأضحى وما بعده (منخفض المونسون) والمنخفضات التي تلته، توثيق بعض البطولات من خلال مقاطع الفيديو والصور، ولا ندري في الحقيقة ما هو المغزى من قيام البعض بمثل هذه السلوكيات؟ وهل بالفعل كانت هنالك ضرورة تدعو الشخص لالمغامرة بنفسه أو بمن معه؟
فهناك من أخذه الحماس، وقطع الأودية الجارفة، وآخرون تجاوزا حواجز وسياج السلامة الخاصة بمنطقة المشاهدة بالمغسيل بولاية صلالة، وغيرهم من جلس على مرتفع صخري شاهق، وآخرون كذلك تسلقوا قمم الجبال العالية، وغيرهم من قفز في بطن الوادي أثناء الجريان.
يا لها من سلوكيات غير محسوبة المخاطر، وهي أيضاً لم يقم بها أصحابها لضرورة قصوى، أو لأمر طارئ، بل ربما تكون كل تلك المَشاهد قد قام بها أصحابها لأجل الاستمتاع بأجمل الأوقات، أو لإثبات متانة وثبات مركباتهم أمام تيارات المياه الجارفة، أو لأجل توثيق مَشاهد ستحقق الانتشار عبر منصّات ومواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي سيحقق دون شكّ الشهرة لأصحابها.
ولكن، ألم يعلم هؤلاء بأن الله تعالى قد قال (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) البقرة (195).
ألم يدعونا ربّنا تبارك وتعالى للمحافظة على النفس؟ ألا يتوجب على الفرد منّا توخّي الحيطة والحذر في مجابهة الخطر؟ أليس هؤلاء على دراية بما تقوم به السلطات من جهود كبيرة باستخدام مختلف الوسائل لبثّ الوعي والتحذير بالمخاطر المحتملة جرّاء تساقط الأمطار وجريان الأودية؟ وما يتبعه كذلك من عمليات إنقاذ للمحتجزين في مجاري الأودية.
وهل يستحق التقاط صورة أو توثيق مشهد عبر الفيديو كل هذه المغامرة؟
في الحقيقة، إن ما جرى خلال الأيام الفائتة كان غريباً بالفعل، ويدعو للتوقف عنده، فقد بلغت الخسائر في الأرواح خلال الفترة بين 7 إلى 12 يوليو الحالي:
وفاة 16 شخصاً، منهم 8 مواطنين، و 8 وافدين، وهذه الأرقام تعتبر كبيرة إذا ما تمّت مقارنتها بالفترة الزمنية التي حدثت خلالها وحجم المنخفض الجويّ الذي مرّ على أراضي بلادنا.
أخيراً، لا يوجد شيء في هذا الكون أثمن من الروح التي أمرنا ديننا بالمحافظة عليها، كما لا يستحق توثيق أية مَشاهد لأية أسباب إزهاق الأرواح، فقد يكون ما تمّ توثيقه هو مشهد لآخر اللحظات من حياة إنسان، ودمتم سالمين.
