2024
Adsense
مقالات صحفية

إذاعة المدرسة وحنين الذكريات

سيف بن محمد المحروقي

بينما أنا أتصفح حالات “الواتساب” هزّ مسمعي صوت شجيّ في حالة الصديق العزيز زايد بن عامر الشرجي، وأشرعت بي الذكريات مبحرة إلى محيط مدرسة سناو للبنين ما بين عام ١٩٩٢م وحتى عام ٢٠٠٤م رائدة العلم والثقافة وموئلًا للعلم والعلماء، والتي أخرجت أعلامًا ذاع صِيتُها وتألق بريقها. وغطستُ في ذكريات ممن تبوئوا الصرح الثقافي ومنبر الصباح “الإذاعة المدرسية” فكان لشجون أصواتهم صدىً يتردد على مسامعنا إلى يومنا هذا، فموجة البث لا زالت مستوطنة لُب القلب وحشاه، ويتردد عتيق ماضيها بين شوامخ الجبال، متنوع أثيرها بين ثقافة إجتماعية ودينية وسياسية وإقتصادية.

فما أن تُشرق شمسُ الصباح ويُستفتح طابورها بتمارين النشاط حتى يدنوا شخص -مقدم الاذاعة- بثقة وإقتدار محتضن “الميكروفون” صادحًا ببسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين.. وأول البدء تلاوة من الذكر الحكيم يتلوها على مسامع الحاضرين ثلة من المُرتلين والحافظين لكتاب الله، كأمثال القارئ حسين الغيثي وزايد الشرجي وجمعة الصارمي وبخيت المقيمي وغيرهم كثير ممن لا تُسعفني الذاكرة لحصرهم. ثم تتسلسل فقرات الإذاعة بين حديث شريف، وحكمة اليوم، وكلمة الصباح، وقصائد وأناشيد.

فقد كنا نتوق لفقرة الإنشاد لتصدح عذبات الأصوات وشاجي الألحان.. ولا زالت ذاكرتي تُردد كلمات الأنشودة:
“عهدًا ياربي لن ننسى وعدا من قبل قطعناه…..أن نبذل كل الجهد ولا نألو في جهد رباه
لن نخشى اليوم صروفات أو نقبل منه حمياه…. وسنرجع مجدًا ميمونًا بدم الشهداء كتبناه
سنعيد القدس لأمتنا ونحرر حتما مسراه … يا ويح شريعتنا أمست طيرًا قد قص جناحاه”

وكان يُليقها المنشد جمعة الصارمي فيُطرب أسماعنا وتتحرك مشاعرنا نصرة للقدس ولمقدساتنا الاسلامية.. وللأسف فالطير قد قصت جناحاه واليوم بُترت رجلاه وغدونا لا حول لنا ولا قوة.

ومما كان ما يميز الإذاعة المدرسية حينها تأثير طلاب مدرسة الشيخ حمود بن حميد الصوافي حفظه الله في أثيرها وتنوع فقراتها، وأذكر سالم الحارثي وأشرف العاصمي الذين كانوا يقومون بإعداد وتقديم الإذاعة، وحسين الغيثي وجمعة الصارمي وبدر المقيمي ممن برعوا في قراءة وترتيل القرآن الكريم، والعديد من الأسماء التي كان لها صدى، ورسخت وجوهم وغابت أسمائهم من ذاكرتي.

أيام الطفولة والمدرسة من الذكريات الراسخة التي يئن حنينها وتتشوق النفس لعودتها، ففيها المرح والمتعة والجدّ والهزل، فبعد هذه الذكرى أخذت تراودني الأفكار بأن نُعيد ماضي تلك الأيام، ونقوم بدعوة تلك الأسماء ونرجع عجلة الزمن لتوثيق تلك اللحظات وتصويرها، ونخرج فلمًا وثائقيًا يحاكي تلك اللحظات الجميلة إكرامًا وتخليدًا لذكراهم، فعسى أن تجد سبيلًا إلى التنفيذ.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights