مياء الصوافية
لبيك ربي و خطى المشتاقين إلى اشتمال رحمتك، وقلوبهم رانية إلى رحابة مغفرتك…كأنما حالهم وغمائم بيض تحملهم إلى توسلات بابك أنفاس زاكية تسبح في ملكوت لطفك .
لبيك ربي ودمعات الوجلين تنسكب على كفوف الضعف مرتجفة أنّتْ من ضلالة دربها راجية فضاء حلمك، تطير دمعاتها إلى كبرياء مقامك، وأنس أمانك.
نسائم قَطْرِك في أوائل عشرك، تخرجنا من ضيق كبّل سرور الصدق في أعماقنا؛ فتطوف بنا أيامك العشر فوق برودة زمزمية؛ لتسري فوق آلامنا الحبيسة والظاهرة؛ لتنطلق الألسنة مكتسية ثوب التسابيح، ومتزينة بعلياء التكبيرات.
تطوف الأمنيات حول بيتك متوشحة صلوات الرجاء، تصافح كفوفها قداسة الحجر الأسود، ويعتلي نحيبها مدى الأفق، وتهدّىء من ثورته تلك النورانية العجيبة تتشرب بها الوجوه الملبية لنداءات الفطرة الأولى تلك الوجوه التي أتت من كل فج عميق.
كم اشتاقت الأقدام لتلثم ثرى مسعاك…!
دقات قلبها بين الصفاء والمروة تتجمل أصداؤها بترانيم الأدعية التي خبأتها منذ أزمنة بعيدة، وتجددت مع لحظة الرجاء.
لبيك ربي ما طاف حاج حول بيتك ملبيا غسّل الطواف قلبه؛ فاعتلى فضاء يشرق الفرح من مساحاته، و تسافر دمعات الرجاء على وقع رجفة أضلعه.
لبيك ربي والبياض مسكني عانق داخلي، وأنفاسي هرولت ما بين الصفاء والمروة .
أحرمت ببياض قلبي من ميقاتك؛ فحملني هودج طهرك إلى إجلال حرمة بيتك .
لبيك ربي والنفوس ألوف وقلبي متعلق بباب كعبتك، وعلى عتباته هزجت بفرحة الرؤية ففاض منه التسبيح دروبا على طهر عرفة، وجاءت ليلة المزدلفة مسرجة النجوم صعيدها ما زال يحكي عظمة عرفة، ونزاهة الإياب إليك.
