نحصرهم في دائرة ضيقة
أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
كرهناها أم أحببناها، أعجبتنا أم لم تعجبنا، هي واقع لا بد منه، ولو حاولنا أن نبتعد عنها، تبقى من الأشياء المهمة في حياتنا اليومية؛ وذلك لدورها الإيجابي في تغير الكثير من أنماط الحياة لدينا، حتى أنها كان لها الدور في تغيير بعض الثقافات، ودور في تقديم الكثير من الخدمات التي نحتاجها، إضافة لدورها الرئيس في تسهيل التواصل بين البشرية، وتزودنا بالمعلومات التي نحتاجها وتحديثات لما يحدث في جميع أنحاء العالم، أتحدث هنا عن وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في المجتمع، ولا أنكر بأن هذه الوسائل لها جانب مظلم وربما يكون سيئا، ويجب أن نعي شيئا مهما في حياتنا وهو أن لكل شيء في هذا العالم جانبا مظلما ومخيفا، ولسنا مجبرين بالبحث عنه، البقاء بالجانب المشرق جميل ومفيد من كل النواحي، ونحن في زمن كلنا يعرف إيجابيات وسائل التواصل الاجتماعي وسلبياتها، نعرف المفيد والمضر منها، نعرف كيف نقتبس منها الأشياء الصحيحة ونركز عليها، ونبتعد عن دائرة الأشياء السلبية، حتى على مستوى أبنائنا يمكننا أن نربيهم ونعودهم ونثقفهم على كيفية الاستفادة السليمة من هذه البرامج، وإن قلت – عزيزي القارئ- إن ذلك صعب، فهنا سؤال يطرح نفسه: ما دور الوالدين تجاه أبنائهم في هذه الحياة؟ أليس من ضمن أدوارنا – أولياء أمور- أن نراقب تعاملاتهم وتصرفاتهم مع هذه البرامج؟
ما يطلبه بعض مستخدمي التواصل الاجتماعي من الجهات الحكومية بمراقبة محتوى الكثيرين من مشاهير هذه البرامج ليس أمرا سهلًا، وليس منطقيا كذلك، وهنا لا أتكلم عن المحتوى الذي يتجاوز الخطوط العريضة، فأنا وأنت وغيرنا لسنا مجبرين بأن نتابع محتوى لا يناسبنا، فالموضوع به الكثير من الحرية والاستقلالية في المتابعة، وإن كان القصد تأثير محتوى هذه الفئة في الأطفال والنشء فهنا يكمن دور الوالدين في المتابعة والتوجيه والنصح، متابعتنا المستمرة لهذه الفئة والحديث الدائم عنهم هو سبب المشكلة؛ لأننا هنا نركز عليهم ونلفت انتباه الآخرين لها، فقط تجاهلهم وعدم التصفيق لهم هو الحل، لماذا لا نتجاهلهم ونحصرهم في دائرة ضيقة؟ فالتجاهل من أهم الأدوات للتخلص أو لتقويم الكثير من السلوكيات والأفعال التي نراها؛ لذلك يقال: إن التجاهل هو طلب الرحيل، ولكن بطريقة مؤلمة جدًا، فلماذا نطلب من الجهات أن تراقب محتواهم والحل بأيدينا؟
تتغير الاتجاهات والميول على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ولا يوجد شخص بهذا العالم يستطيع مواكبة هذا التغير، وكن على يقين إن أصبح لديك الشغف تجاه هذه الوسائل ومتابعة محتواها بصورة دائمة دون التفريق بين المحتوى الهادف والسيئ، فإنك وصلت لمرحلة أصبحت فيها رهينا لها، ركز على ما يفيدك فقط، وابتعد عن كل شيء يعكر فكرك ومزاجك، ولا تنشر وتروج تفاهات الكثيرين من مشاهير هذه البرامج، وتأتي بعدها وتقول: أين الجهات الحكومية؟ تجاهل هذه المحتويات، ولا تركز عليها كثيرًا؛ ما يعجبهم قد لا يعجبك أنت ويعجب الكثيرين غيرك.