يحدث للجميع، ويوقفه الجميع
أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
تكاد لا تخلو حياة أي فرد من أفراد المجتمع من هذه الظاهرة؛ أصبحت منتشرة حاليًا وبألوان متنوعة ومختلفة، وإن تعددت ألوانها وأشكالها فتأثيرها واحد؛ سابقا كنا نتحدث عنها بين الأطفال، ونتحدث عن نوع واحد من أشكالها وهو العنف، والآن بعد التطور الحاصل في جميع مجريات الحياة أصبحت منتشرة وبشكل كبير وبصور متنوعة بين أغلب أفراد المجتمع صغارًا وكبارًا وفي كل طبقاته، حتى بين أفراد الأسرة الواحدة وفي المنزل الواحد، والكثير منا يجهل مفهومها وتأثيراتها؛ يمارسها بحياته اليومية على الآخرين وبعدة صور وفي جوانب متعددة.
وتعرف كلمة التنمر باللغة العربية بأنها : ” ذلك الشخص الغاضب، وسيء الأخلاق، وهي بالعامية السخرية من الآخرين من قبل لونه أو بدنه أو أي شيء لا يستحسنه الغير فيك”، وأصبحت ظاهرة التنمر من الظواهر الواسعة الانتشار في الكثير من المجتمعات، وباتت تأخذ أشكال مختلفة، وفي كل القطاعات وجوانب الحياة كالعمل والمدرسة والجامعة والبيت ووسائل التواصل الاجتماعي والسوق وغيرها، وللأسف أصبح البعض يمارسها كأنها حق من حقوقه، يمارسها كأنها نوع من أنواع الانتقاد، أو نوع من أنواع النصح والإرشاد، والفرق بين الانتقاد والنصح والتنمر كالفرق بين السماء والأرض، فجهل الكثيرين لهذه الظاهرة والأضرار التي تسببها هو السبب في تفاقمها بين أفراد المجتمع، ولا أتحدث هنا عن تنمر العنف بين الأطفال فقط بل أتحدث بشكل أكبر واسع يشمل التنمر اللفظي والالكتروني وغيره، أصبحنا نسمع كلمة التنمر خلال السنوات الخمس الأخيرة بشكل كبير وبالتحديد في وسائل التواصل الاجتماعي، فهذه الوسائل أصبحت مسرحًا كبيرًا للتنمر وبصورة بشعة، احترام حريات الآخرين مطلوبة ويكفلها القانون كذلك، والنصح والإرشاد والتوجيه مطلوب، وأساليبه مختلفة ومتنوعة؛ أما أن تتعدى أكثر من ذلك فهذا ليس من حقوقك، تنمرك اللفظي والكتابي على ما يطرح في هذه الوسائل يدل على جهلك التام لمعنى الانتقاد والتوجيه، فإن كنت لا تعي مفهوم التنمر وأنواعه وأسبابه وأشكاله فيمكنك أن تقرأ عن هذا الموضوع في الكثير من مصادر المعرفة المنتشرة، أما أن تمارس هذه الظاهرة وبصورة سلبية فهنا تكمن المشكلة، فأنت تورث أبناءك وأبناء هذا الجيل سلوكيات خاطئة لا تمس للدين والعادات والتقاليد بصلة، ولن أتطرق لذكر أمثلة لأشكال التنمر بوسائل التواصل الاجتماعي لأنها كثيرة ومتنوعة، ويمكنك عزيزي القارئ أن ترى بنفسك.
التنمر يحدث لنا جميعًا وبصور عدة، يقوم به الأشخاص الذين ليس لديهم ثقة بأنفسهم، ولا يمكن إيقافه إلا من قبل الجميع كذلك، ويجب أن نعي شيئًا مهمًا وهو أن المتنمر خائف منك لأنه لا يمتلك الشيء الموجود معك، وهذا يجعله في حاله قلق واضطراب فيضايقك بكلماته وتصرفاته وأفعاله، لذلك يجب عليك ألا تتأثر بكل ما يفعله المتنمر لأنه فاقد لثقة نفسه، ويقول دان بيرس:” الناس الذين يحبون أنفسهم لا يؤذون الآخرين، وكلما كرهنا أنفسنا كلما أردنا أن يعاني الآخرون”.