قراءة للمشهد السياحي
محمد علي البدوي
يعاني القطاع السياحي، ويكاد يصرخ طالبا النجدة؛ بسبب كثرة المشكلات التي تعصف بالقطاع، وتجعله لأول مرة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية يتراجع إلى معدلات غير مبشّرة.
كانت البداية مع ظهور فيروس كورونا، وتوقف حركة النقل الجوي، وفرض إجراءات مشددة لمنع تفشي الوباء، وما تلا ذلك من نتائج أحزنت المهتمين بالقطاع.
كادت بعض الدول تصل إلى حافة الانهيار، وأخرى تناست قضية السياحة، وبدأت في البحث عن سبل بديلة لتنشيط الاقتصاد.
السياحة بالنسبة لكثير من الدول الفقيرة تمثل ركيزة أساسية للنمو، وتوقفها يعني توقف اقتصاد تلك الدول وتراجعه بشكل كبير.
العدالة في توزيع التدفقات السياحية تخضع لأهواء الدول الكبرى المسيطرة على سوق السياحة العالمي. ومنظمة السياحة العالمية عاجزة عن تحقيق الأهداف التي نصت عليها المذكرة التأسيسية للمنظمة.
حاولت المنظمة -وبقوة تحسب لها- البحث عن سبل مبتكرة للتعافي، وبدأنا نشاهد بعض إرهاصات هذا التعافي خاصة بعد إعادة تسيير الخطوط الجوية، وتوفير الحماية الصحية القصوى للسائحين والزائرين من قبل الدول المضيفة.
وتوقع الجميع موسما سياحيا مميزا، ولكن جاء الغزو الروسي لجارته أوكرانيا ليعيد الوضع السياحي إلى نقطة الصفر.
كارثة سياحية بكل المقاييس، وسوف تؤدي إلى توقف شبه تام للحركة السياحية في بعض الدول التي تعتمد على السياحة الأوكرانية والروسية.
وكأن القطاع السياحي ولد ليعاني منذ أول يوم، ولا بد من تدارك الموقف سريعا؛ حتى لا يتضرر ملايين العمال بالقطاع، ومن ثمَّ تتضرر الدول المضيفة.
هناك من يردد أن الدول التي تعتمد على السياحة فعلت ما بوسعها من أجل التعافي من آثار كورونا، أما الحرب الروسية الأوكرانية فهي خارجة عن قدرة الدول لإيجاد حل لها، وهنا نكرر ما نؤمن به، وهو تحويل الدفة إلى أسواق أخرى بديلة؛ حتى نتجنب توقف النشاط السياحي.
الأسواق البديلة موجودة، ولكن تنشيطها ليس بالعمل السهل؛ فهي خطوة تحتاج مجهودات كبري، وتكاتف كافة الجهات المعنية.
الأسواق العربية هي الهدف الأول يليها دول شرق آسيا، ويليها الدول الأفريقية، ثم تأتي دول أمريكا الجنوبية، وجمعيهم أسواق واعدة، ومعظمهم لديه الرغبة في زيارة المنطقة العربية، والتعرف على تاريخها.
المطلوب من الجميع هو تقديم التنازلات في هذه المرحلة الحرجة خاصة فيما يتعلق بأسعار الطيران، والاكتفاء بتحقيق هامش ربح بسيط؛ حتى تدور عجلة السياحة مرة أخرى، فأسعار الطيران تبقى دائما العائق أمام التسويق السياحي.
خسائر السياحة مستمرة، ولا تقتصر فقط على الخسائر المادية الملموسة، بل تتخطى ذلك بكثير، وتنال من عزيمة أهل القطاع، وتضرب بعنف كل محاولات النهوض والارتقاء بالقطاع السياحي.
لا بد من مراجعة شاملة لكل خطط التسويق السياحي، وإتاحة كل السبل للأسواق الجديدة، والتخلي عن الطرق التقليدية في الترويج السياحي، وكل ذلك لن يحدث إلا إذا تضافرت الجهود في اتجاه واحد، وهو العمل على نمو السياحة ونهضتها.
حفظ الله شعوبنا العربية.