شخصية عمانية خلَّدها التاريخ “الوالي العادل السيد/ سعود بن حارب البوسعيدي”
صلاح بن سعيد المعلم العبري
إعلامي – عضو جمعية الصحفيين العُمانية
يقول الحقُ تبارك وتعالى في مُحكم كِتابه العزيز: { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }. [ الحج 41 ].
لكُلِ زمانٍ دولةٌ ورجال .. وعندما نتكلم عن المسئولية وأمور الرعية نستذكر مناقب الأخبار ممن أنجبتهم تُربةُ هذه الأرض الطيبة، ولعل الذاكرة ترجع بي إلى أكثر من 30 عاماً خلت، عندما كُنت أجلس مع والدي -عليه من الله شآبيب الرحمة والرضوان- وأنا في مُقتبل العُمر، وهو يحكي لي مناقب والي عبري خلال الفترة من (1953 م – 1970 م)، وكانت عيناه تذرفان الدموع، وعلى لسان والدي الغالي -طيب الله ثراه- : “كان كهفاً حصيناً للأرامل، ومعطافاً لليتامى والفقراء والمحتاجين، كان صادق القول والعمل، أميناً مؤتمناً، لا يخاف في الله لومة لائم”، إنه الرجل الصالح الوالي العادل الأمين المؤتمن السيد سعود بن حارب بن حمد البوسعيدي والي عبري آنذاك -طيب الله ثراه- ، يحكي لي والدي بحُكم علاقته الطيبة بالسيد سعود بن حارب بأنه رجلٌ قريب من الرعية، غنيهم وفقيرهم، صغيرهم وكبيرهم، رجلٌ تجلت في شخصيته الخوف من الله عزوجل أولاً وقبل كل شيء، ثم عدالته بصفته والياً على ولاية عبري، رحيم القلب، عفيف متصدق.
وتمر الأيام ولا تزال تلك الصفات عالقة في ذهني، استرجعتني الذكريات وأنا أتصفح مجموعة من المراسلات السابقة التي كان يرفعها والدي إلى السيد سعود بن حارب، والتي لا زلت محافظاً عليها، وقمت بتوثيقها لدى هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، جميعها كانت تنصب في مصلحة بلدة العراقي بولاية عبري، حيث كان والدي -رحمه الله- كاتباً معتمداً خلال تلك الفترة، حتى التحاقه بالرفيق الأعلى عام 1986م. وكان يستشير السيد سعود بن حارب ويرجع إليه في معظم الأمور التي تهم بلدة العراقي وأهلها، ولاحظت من ردود السيد سعود -رحمه الله- الرحمة قبل العقاب، والشكر على كل إحسان.
وعندما نُعرّج على سيرة السيد الوالي سعود بن حارب بن حمد البوسعيدي -طيب الله ثراه- قُمت باقتباس جانبٍ من سيرة هذا الرجل الصالح، والوالي العادل، وذلك من مصادر الدراسة التي تمت عن سيرته، وهي لحمد بن سيف البوسعيدي ( الموجز المفيد- نبذة من تاريخ البوسعيد، وكذلك إصدار لناصر بن منصور الفارسي (نزوى عبر الأيام معالم وأعلام)، حيث عرج الإصداران إلى أن المغفور له بإذن الله السيد سعود بن حارب ولد في منطقة العقر بولاية نزوى في العقد الثالث من القرن الرابع عشر الهجري، وتوفي في نزوى، وعاش في سلطنة عمان.
وتذكر مصادر دراسته أنه كان من فضلاء عصره، يحكم بين الناس بالعدل، ويعاملهم باللين والإحسان، ناصحًا لهم، وأمينًا عليهم.
عمل -طيب الله ثراه- واليًا للسلطان سعيد بن تيمور -رحمه الله- في ولايات عدة، منها ولاية صور، وولاية عبري التي مكث فيها ثمانية عشر عامًا.
خاتمة القول: لتاريخنا العُماني التليد سجل حافل بالعديد من الشخصيات التي برزت على الساحة العُمانية عبر تاريخها الحافل بالأمجاد، ولا تزال ذكراهم محل فخر واعتزاز، ففي كل ولاية بل وفي كل قرية عمانية سجل لحكايات سردها التاريخ عن عظماء عُمان، الذين كانوا فعلاً نبراساً لكل خيرٍ وفضيلة.
غفر الله تعالى للوالي العادل، والرجل الكريم الشهم النبيل السيد سعود بن حارب بن حمد البوسعيدي، وأسكنه الله تعالى فسيح جناته، وجعله ممن قال فيهم سبحانه وتعالى: { مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } (الأحزاب 23).