2024
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

أنين الصمت

بدرية بنت حمد السيابية

عندما تفكر بالماضي ماذا يحدث لك؟ أليس هناك شعور ممزوج بين الفرح والحزن، يحتويك حسب المواقف التي عشتها سواء أكانت حلوة أو مرة؛ فتأتي لك الذكريات على هيئة شريط يمر أمام عينك، وأنت تعيد هذه المواقف، فإذا كانت جميلة تظهر على ملامح وجهك مشاعر الرضا وتبتسم وأنت صامت، ولكن تعابير وجهك تتحدث، وإن كانت مواقف مؤلمة تنزل دمعتك على خدك بدون أن تشعر، وغصات الوجع تحتوي قلبك كأنها سحابة سوداء، تحجب عنك إشراقة الشمس، وهي تشق خيوطها الذهبية نحو هذا الكون الواسع.

أحيانا تمر علينا أحداث نعجز الحديث عنها، نقف مشلولين أمامها، فقط ننظر بأعيننا ونستغيث من داخلنا، من مشاعر تقتل روحنا البريئة، تنثر الإحباط داخلنا، تقتل الأمل والفرح، عاجزين عن البوح والتحدث بصوت عالٍ، نختبئ وراء ستائر التردد، يكون الاختلاف الأكبر بين العقل والقلب، لا يتفقان على رأي واحد عند جلوسك بمفردك منعزلا عن العالم، تزورك الهواجس، فقلبك يريد شيئا، وعقلك يريد شيئا آخر، وأنت تقع في دائرة الشك، وتتزعزع ثقتك بنفسك، عندها تكون أيضا حبيس الصمت، وعدم قناعتك بما تقدمه لنفسك وللآخرين.

يقال: بأن الصمت هو أبلغ الكلام، ولكن يجب أن تعلم متى تصمت..! ومتى تتحدث..! هناك حالات كثيرة لا يجب أن تجادل فيها، أو أن تصمت في حالة أغضبك أحدهم، ويُعدُّ من أعز الناس عليك، وحتى لا تخسره اصمت، فأنت هنا ستكسب نفسك، وفي الوقت نفسه لن تخسر من تناقش معه موضوعا ما، هنا الحكمة من الصمت، ومن جانب آخر متى أتحدث في حالة وقوع خطأ ما أو شاهدت موقفا يستدعي حقا التحدث عنه بشكل أوضح؟ هنا أنت رضيت عن نفسك، وفي الوقت عينه قدمت خدمة لغيرك من خلال ما يمليه ضميرك.

صحيح أن الصمت هيبة، والبعض يتجاهل من يسيئون إليهم بالصمت، وعدم البوح، ولكن إلى متى؟ لابد أن تتكلم وتعبر عن آرائك، فالصمت ليس كل شيء، أو التباهي به مفخرة، فمثلا عندما تشاهد ابنك يصاحب أصدقاء السوء، هل سيكون الحل صمتك؟ عندما أجد صديقين متخاصِمَين، علما بأنك تستطيع الإصلاح بينهما هل ستصمت؟ أكيد ستكون الإجابة “لا”، أحيانا الحياة تختبر فينا صبرنا، وتحملنا، ونحن بدورنا إما أن نكون صامدين أو مهزوزين من كل الجوانب، الحياة تعلمنا دروسا، فهنا الدور علينا أن نختار الأمثل والأنسب، نتحكم في مشاعرنا ونوازن الأمر، ويتفق العقل والقلب فيما نقدمه في هذه الحياة.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights