2024
Adsense
مقالات صحفية

«إنِّي قدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا»

د. محمد عزيز عبد المقصود
أستاذ لغويات مساعد بكلية اللغة العربية
جامعة السلطان عبد الحليم معظم شاه الإسلامية العالمية ماليزيا
الإيميل /mohamedaziz@unishams.edu.my
mohammadaziz1974@yahoo.com

في الثامن من شهر مارس/آذار من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة، فتحية تقدير وإجلال لكل أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا وبناتنا وعماتنا وخالاتنا ونسائنا عامة، وفي هذه المناسبة نقدم أجمل باقة من الزهور العطرة لكل امرأة رسمت على وجوهنا يوما ما بسمة، وأدخلت السرور في قلوبنا، فلك كل حب واعتزاز.

والحديث عن المرأة ومكانتها يطول، ونكتفي بذكر نموذج لتقدير المرأة والافتخار بها، والإقرار بحبها؛ وذلك من سيرة حبيبنا المصطفى –صلى الله عليه وسلم- الزاخرة بكل معاني الوفاء لزوجاته، نستقي منها أروع الأمثلة والتقدير للمرأة؛ وذلك في إقراره صلى الله عليه وسلم بفضل السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.

مواقف وفاء من سيرته صلى الله عليه وسلم لزوجته السيدة خديجة في حياتها وبعد وفاتها، ويكفي شهادة السيدة عائشة -رضي الله عنها- أكثر من مرة، ومن ذلك قولها:[ما غِرْتُ علَى أحَدٍ مِن نِسَاءِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ما غِرْتُ علَى خَدِيجَةَ، وما رَأَيْتُهَا، ولَكِنْ كانَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، ورُبَّما ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أعْضَاء، ثُمَّ يَبْعَثُهَا في صَدَائِقِ خَدِيجَةَ، فَرُبَّما قُلتُ له: كَأنَّهُ لَمْ يَكُنْ في الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إلَّا خَدِيجَةُ، فيَقولُ: إنَّهَا كَانَتْ، وكَانَتْ، وكانَ لي منها ولَدٌ]. ( البخاري: 3818).

وكَثرةُ الذِّكرِ تدُلُّ على كَثرةِ المَحبَّةِ، وكان صلى الله عليه وسلم أشد حبا لها، ويكفي قوله:«إنَّها كانتْ وكانتْ»، وبلاغة الحذف بعد “كانت” دليل آخر يبين قوة العلاقة التي كانت بين النبي -صلى الله عليه وسلم- والسيدة خديجة؛ حيث عدّد صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَضائلَها ومَحاسنَها، وبالإضافةِ إلى مَزاياها أنَّه قدْ رَزَقَه اللهُ منها الولد، فما أعظمك يا رسول الله!، وصدق الله إذ يقول:[لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ].(الأحزاب:من الآية21).

وفي حديث آخر للسيدة عائشة تبيّن فيه شدة حب النبي -صلى الله عليه وسلم- للسيدة خديجة، وعظم وفائه لها؛ حيث تقول: [ما غِرْتُ علَى نِسَاءِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إلَّا علَى خَدِيجَةَ وإنِّي لَمْ أُدْرِكْهَا. قالَتْ: وَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا ذَبَحَ الشَّاةَ، فيَقولُ: أَرْسِلُوا بهَا إلى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ قالَتْ: فأغْضَبْتُهُ يَوْمًا، فَقُلتُ: خَدِيجَةَ، فَقالَ: رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إنِّي قدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا]. (مسلم: 2435)

وتكفي هذه الكلمات « إنِّي قدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا» دليلا على وفاء النبي صلى الله عليه وسلم، وعِظم قدر السيدة خديجة عنده، وإقراره أن حبها كان رزقا من الله تعالى لهو أعلى مراتب الحب نفسه، فلا سلطان لنا على قلوبنا!!، فالحب من الله ولله، ومن هذا الوفاء الجميل إكرام صديقاتها بعد وفاتها، وما أحوجنا إلى هذا الحب وذلكم الوفاء!، وما أبلغ التعبير! وما أروع دلالته! وما أعظم المرأة حين يقدرها زوجها، ويقر بفضلها!

كل التقدير والاعتزاز والفخر بوجود المرأة في حياتنا، تلك المرأة التي ربّت، وسهرت، وأطعمت، وعلّمت، وجاهدت مع زوجها، وصبرت وصابرت، وكانت عونا له في السراء والضراء، تلك هي المراة التي تبني عالمها، ولا يكفي أن يكون لها يوم واحد، بل هي الأجمل في كل يوم، ولها أهديها قول شاعرنا غازي القصيبي مخاطبا زوجته بأرق كلمات وأجمل معانٍ:
أيا رفيقةَ دربي!.. لو لديّ سوى
عمري.. لقلتُ: فدى عينيكِ أعماري

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights