2024
Adsense
مقالات صحفية

الأوطان لا تنهضُ إلا بأبنائها الأُمناء المُخلصين

صلاح بن سعيد المعلم العبري
إعلامي – عضو جمعية الصحفيين العُمانية

أبدأ مقالي هذا بالثناء على الحي القيوم بديع السموات والأرض، الحق، العدل، المنتقم، الجبار. والشكرُ له جل في عُلاه على كريم نعمائه وواسع فضله.

روي عن أمير المؤمنين سيدنا الإمام علي بن أبي طالب – كرم اللهُ وجههُ أنه (إن دعتك قدرتك على ظلم الناس، فلا تنسَ قدرة الله عليك) . كما روي عن الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم – حفيد الفاروق عُمر بن الخطاب – رضي الله عنهما – وجه رسالة لأحد ولاته، كتب له فيها:( فقد أمكنتك القدرة من ظلم العباد، فإذا هممت بظلم أحد فاذكر قدرة الله عليك، واعلم أنك لا تأتي إلى الناس شيئاً إلا كان زائلاً عنهم باقياً عليك، واعلم أن الله عز وجل آخذ للمظلومين من الظالمين) .

الدنيا دار بلاء ، كما هي في ذات الوقت بالمفهوم والمعنى دار اختبار، يتكالب عليها الناس، يتكالبون على زينتها وزخارفها الفانية، على المناصب والجاه والسمعة والغنى، وكأنهم لن يموتوا غداً، وكأنهم لن يقفوا أمام قاضي القُضاة، لتظهر الحقائق.

حتماً إن الجزاء من جنس العمل، وربُ العزةِ والجلال لا يغفل ولا ينام، قاصمٌ رؤوس الجبابرة الظالمين.

يقولُ الحقُ سبحانه: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء:من الآية 36] .
كما قال رسوله المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه: ((كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، الإمامُ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ راعٍ في أهْلِهِ وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِها ومَسْئُولَةٌ عن رَعِيَّتِها، والخادِمُ راعٍ في مالِ سَيِّدِهِ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ قالَ: – وحَسِبْتُ أنْ قدْ قالَ – والرَّجُلُ راعٍ في مالِ أبِيهِ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، وكُلُّكُمْ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ)) .(البخاري: 893).

إن من أجل المسئوليات وأعظمها الملقاة على عاتق الفرد منا، هي المسؤولية تجاه وطنه، وهي مسئولية عظيمة، عظيمة بمقصودها وتوجهاتها التي يترتب عليها أمانة وطن، أمانة أفراد وأسر ومجتمعات. وإن الإخلاص في العمل مهما كانت طبيعته، مسؤولية عُظمى، لا يدركها فعلياً إلا الأُمناء الصادقون المخلصون لأوطانهم؛ لذا فإن مراعاة حدود الله -عز وجل- تأتي في طليعة أمانة الواجب الوطني، فالحق تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .

خاتمة القول: أيها المسئول، أيها الموظف… انتبه لنفسك (فإن الأمانة عظيمة والمسئولية جسيمة)، اتق الله -عز وجل- في موظفيك، اتق الله في وظيفتك، ضع دائماً نُصب عينك أن الموت ميقاتُ العباد. هناك سينكشف المستور، إن لم يتضح في دُنيانا الفانية، فإنه حتماً سيكون واضحاً جلياً في دار القرار، في ذلك اليوم العظيم، فلا تجعل من وظيفتك هدفاً للظُلم وحُب الذات، وتحقيق المصالح الشخصية، ضع هدفك الأسمى طاعة الله في خدمة الوطن والمواطن. فإذا مات الضمير… ماتت الأخلاق والقيم والإنسانية، وحتماً ماتت الأمانة والمصداقية في القولِ والعمل.

حفظ الله تعالى عُماننا الغالية آمنة مطمئنة يأتيها رزقُها رغداً بإذن ربها، وأدام على سلطانها المُلهم نعمَهُ ظاهرة وباطنة مُتمتعاً بمددٍ من العافية، ورزقه سُبحانه سموَ المنزلة في الأولى والعُقبىٰ.
إنه ربُنا وهو حسبُنا ونِعم الوكيل، والحمد لله ربِ العالمين .

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights