بدرية بنت حمد السيابية
عندما تمتزج مشاعر الفرح والحزن تتعثر خُطانا، ونعجز عن الحديث عمّا بداخلنا، لا نعلم هل هي فرح أو حزن؟ نحن البشر عندما يمسنا الحزن تتغير ملامحنا، وتصبح ذابلة كالورد الميت على أغصانه، منسية على طرقات النسيان، تتألم شوقًا لقطرات المطر، للمسة يد تمسح على أوراقها الجميلة؛ لكي تبقى شامخة متعلقة على أغصانها، ولتزورها فراشات الصيف التي تحلّق بأجنحتها ذات الألوان الزاهية، وتمتص رحيقها، وتنتقل من وردة إلى وردة.
بعضنا يستقبل يومه بأخبار تسعد قلبه، وبعضنا يستقبل يومه بأخبار تحبط قلبه وتجلطه، وتكون رحمة الله قريبة منه لتسلمه من عواقب لسماع بعض الأخبار المحزنة، كوفاة شخص عزيز على قلبه، فتخلد الأفكار والهواجس والصور تمر أمام عينيه بحلوها ومرها، يردد ويقول: لست مصدقًا أن فلانا قد غادر الدنيا، لقد كان بالأمس معي يضحك ويتكلم ويأكل..إلى آخره.
من هنا بعضنا تأتي إليه الصدمات من حيث لا يحتسب، ولا يعلم عنها، ولكن نؤمن بأن هذه الحياة فانية، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.
الحياة قصيرة جداً، فملاذها ونعيمها لن يدوم ولن يطيل؛ فاعمل لآخرتك، ولا ترتبط حياتك بهموم الدنيا، فأنت راحل عنها إن كنت صغيرًا أو كبيرا، فانظر للحياة نظرة التأمل والتفكير وأخذ العظة والعبرة، لربما بعضنا يقول: لماذا فلان مات بينما هناك فلان عاجز وكبير في السن ومريض؟! نعم، كثير منا تأتي إليه هذه الأفكار، ولكن هذا الأمر علمه عند الله وحده؛ فهو عالم الغيب والشهادة، ومن نحن حتى نحدد من يبقى ومن سيرحل؟!. نحن ضيوف في هذه الدنيا وأمانة أيضا، قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ﴾ [آل عمران: من الآية 145].
لا شك عندما يغادر عنك شخصٌ عزيزٌ على قلبك؛ فإنك سوف تحزن حزنًا شديدا، علمًا أنك مؤمن بأن الله كتب له هذا الأجل في هذا اليوم، ولكن سبحان الله! تذهب بنا الهواجس للمدى البعيد، وهذه الحقيقة لا أحد يستطيع نكرانها، لكن تصبح قلوبنا ضعيفة في لحظة، ونتعظ ونؤمن بقضاء الله وقدره، وأن الحياة تستمر مهما كان حجم الألم والحزن، فعيشوا حياة جميلة بقرب أحبتكم وأهلكم وكل عزيز وغالٍ على قلوبكم الطيبة، وتذكروا أن من رحلوا عنكم لا يريدون منكم شيئًا سوى الدعاء الصادق من قلوبكم وذكرهم الطيب باقٍ، وأثرهم وبصماتهم باقية في قلوبنا لن تندثر.
اللهم، ارحم جميع موتانا وموتى المسلمين أجمعين.
