2024
Adsense
مقالات صحفية

عندما يعتلي الكرسي من لا يستحقه.. ضاعت مصلحةُ العمل

صلاح بن سعيد المعلم العبري
إعلامي – عضو جمعية الصحفيين العُمانية

يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ [الأحزاب: 72].

الكُرسي الوظيفي أمانة، جُعل هذا الكُرسي لخدمة الوطن والمواطن، بعيداً كُل البُعد عن المصالح الشخصية، أو التحيز للأقارب أو الأصحاب، أو ممن تربطه بالمسئول مصاهرة أو ما شابه ذلك. فعندما يعتلي الكرسي من لايستحقه.. ضاعت المصلحة العامة، وكان وجود هذا المسئول بمثابة حجر عثرة لتحقيق ما من شأنه بناء الوطن وتسخير طاقات الموظفين ممن هم تحت إشراف هذا المسئول الذي يعتلي الكرسي، فبناء الأوطان وإعلاء شأنها يجب أن يكون الشغل الشاغل لكل فرد ذكراً كان أو أنثى، فالمسئول غير اللائق لهذه الوظيفة، واعتلى الكرسي بوصفه مسئولا نتيجة لظروف ما، وممن تسول له نفسه ممارسة أعمال لا يكون هدفها خدمة المصلحة العامة؛ يجب أن يعي جيداً أنه مساءل مهما طال الزمان، وأنه سينتكس انتكاسة لا تُحمد عُقباها، وهذا الوصف ينطبق على من يكون المنصب أكبر من شخصه، فتراه ظالماً غير عادل، مُبتسم الشفاه، لكن في داخله الحِقد ودس الدسائس، وكل هذا رغبة من هذا المسئول التشبث بالكرسي، فأين هو من مصلحة وطنه، ومصلحة العمل، وفوق ذلك مصلحة ممن هم تحت مسئوليته في السُلم الوظيفي؟! ألا بُعداً ثُم بعداً لأمثال هؤلاء! ولكن حتماً ستأتي الدائرة عليهم، وسيندمون أشد الندم (يوم لا ينفعهم ندمهم) .

وهنا نقف وقفة مع مقتطف من الخطاب السامي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان، هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – بمناسبة ذكرى تولي جلالته مقاليد الحُكم: (إن الارتقاء بعُمان إلى الذُرى العاليةِ، من السمو والرفعةِ التي تستحقها لهو واجبٌ وطنيٌ، وأمانةٌ عظيمةٌ، وعلى كل مواطنٍ دورٌ يؤديهِ في هذا الشأن) .

كما نستذكر النطق الكريم لوالدنا السُلطان، قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- الموَجَّه لكبار رجال الدولة بتاريخ 15-5-1978م: (هناك أمر هام يجب على جميع المسؤولين في حكومتنا أن يجعلوه نصب أعينهم، ألا وهو أنهم جميعا خدم لشعب هذا الوطن العزيز، وعليهم أن يؤدوا هذه الخدمة بكل إخلاص، وأن يتجردوا من جميع الأنانيات، وأن تكون مصلحة الأمة قبل أي مصلحة شخصية).

وهنا يجب أن يكون لدينا قناعة تامة بأن أي مسئول يفتقد أهمية تعزيز المهام الوظيفية لموظفي مؤسسته، أو المكان الذي هو مسئول عنه، وغير مبالٍ بجوانب الارتقاء بجودة العمل خدمة لوطنه، فهو مسئول فاشل وجاهل، لكنه يستمد جبروته وقوته المؤقتة من زبانيته وحزبه الفاسدين ممن هم حوله؛ وذلك خدمة لمصالحهم الشخصية، بعيدين كُل البُعد عن الولاء الوظيفي وخدمة الوطن والمواطن .

ولا نجاح للمجتمع، ولن ترتقي المصلحة العامة لبناء الوطن إلا من خلال اختيار المسئول الأصلح والأمين الذي يعمل جاهداً في سبيل خدمة وطنه، والمحافظة على مصلحة العمل والمصلحة العامة، بعيداً عن التحزبات والانتقامات، صفاته الصدق في القول والعمل، متمتعاً بقوة فكرية وعلمية، والقدرة على التخطيط السليم، واتخاذ القرار الصحيح، حتماً مع وجود هذه الصفات في أي مسئول؛ فإن الأوطان ستسعد بهم وسترتقي قُدماً إلى الأمام .

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights