دورة حياة المنتج…..رؤية مختلفة لمنتج التمويل الأصغر
د معاذ فرماوي
farmawima@alj.com
farmawydr@brjegypt.com
على عكس منظمات التمويل الأصغر، تنفق الشركات باختلاف أعمالها ملايين الدولارات بشكل سنوي للبحث عن منتجات جديدة وتقديمها إلى السوق، ولكن للأسف هناك عدم اهتمام يصل إلى حد الإهمال في هذا المجال بالنسبة لمنظمات التمويل الأصغر، فهناك شبه استقرار على منتجات تمويلية محددة دون أي سعي لتطويرها، أو تقديم منتجات جديدة، وقد يكون مبرر ذلك الرغبة في تحقيق استقرار لأنظمة العمليات، لكن ذلك سيمثل خطرا كبيرا عاجلا أو آجلا، فالمنتجات لها أعمار كالبشر ولابد أن تموت وإن طالت أعمارها، كما أن هناك مزايا للمنتجات الجديدة كزيادة الأرباح وزيادة ولاء العملاء والمزايا التنافسية.
ولذلك أهتم الباحثون ورجال التسويق بالمنتج الجديد نظرا لأهميته في التخطيط التسويقي، فاستراتيجية المنتج الجديد تختلف كليا عن المنتج القديم من حيث التسعير والترويج والتوزيع، كما أن نسبة التجديد أو التعديل تؤثر أيضا على استراتيجية التسويق، وقد انعكس هذا الإهتمام في إختلاف أراء تعريف المنتج الجديد، فمن التعريفات أن المنتج الجديد هو أي منتج تتعامل معه منظمة التمويل الأصغر لأول مرة حتى وإن كان ليس جديدا في سوق التمويل الأصغر، ويميل الكاتب لهذا التعريف نظرا لبساطته وواقعيته بالنسبة لصناعة التمويل الأصغر، فمنظمة التمويل الأصغر المتخصصة في التمويل الجماعي فقط ليس من السهل عليها التعامل مع التمويل الفردي حيث سيحتاج إلى تغييرات جوهرية في استراتيجية التسويق بهذه المنظمة، لأنه يستلزم تعديل الخطة التسويقية بما يتلائم مع المزيج السلعي الجديد، وذلك رغم إن منتج التمويل الفردي قائم وموجود بالسوق قبل قيام المنظمة بضمه لمجموعة المنتجات التي تقدمها، وهناك تعريف أكثر تفصيلا حيث يعرف المنتج الجديد من خلال ثلاثة مستويات الأول هو المنتج الذى يقدم للسوق لأول مرة ولا يوجد له مثيل أو بديل بالسوق، والثاني هو منتج الذي أجري عليه تغييرا جوهريا، والثالث هو المنتج الذي أجري عليه تغييرا بسيطا.
ودعما لصناعة التمويل الأصغر سيقوم الكاتب في هذا المقال بشرح دورة حياة المنتج مع معالجة قصور المفهوم الحالي لها، حيث ناقش علماء ورجال التسويق دورة حياة المنتج اعتمادا فقط على المبيعات، بينما هناك محدد آخر أقوى تأثيرا على دورة حياة منتج التمويل الأصغر من وجهة نظر الكاتب وهو التحصيل أو حجم المتأخرات، ويظهر شكل (1) دورة حياة المنتج اعتمادا على حجم المبيعات أو إنتاجية التمويل.
وكما هو واضح في الشكل المشار إليه وحسب رؤية علماء ورجال التسويق فإن دورة حياة المنتج تم تحديدها فقط اعتمادا على المبيعات أو الإنتاجية باعتبارها العامل المؤثر الوحيد في تحديد كل مرحلة من مراحل دورة حياة المنتج التمويلي منذ تقديمه لسوق التمويل الأصغر حتى سحبه من السوق أو تطويره، وعليه يمكن وصف كل مرحلة من دورة حياة المنتج التمويلي كما يلي:
مرحلة إيجاد وتطوير المنتج التمويلي، وهذه المرحلة ليست من دورة حياة المنتج التمويلي وإنما يشار إليها فقط لإظهار التطور التاريخي لمنتج التمويل الجديد وتتضمن الأمور التي يجب أن يتم تصورها وتحديدها عن فكرة المنتج التمويلي وإختبارها قبل تقديم المنتح للسوق مثل الإجراءات والمستندات والضمانات والشروط وشرائح القرض ووسائل الدفع الالكتروني وسعر الفائدة ومدة سداد القرض، والعملاء المستهدفين والمناطق المستهدفة، وفي هذه المرحلة يكون منحنى الأرباح في الجانب السالب من خط الإيرادات مما يشير لوجود خسائر بسبب التكاليف الباهظة على عمليات البحث والتطوير الخاصة بمنتج التمويل.
مرحلة تقديم المنتج للسوق، فبعد اختبار المنتج يتم تقديمه للسوق وتتصف هذه المرحلة بإنخفاض الطلب على المنتج باعتباره منتج جديد وغير معروف لعملاء التمويل الأصغر، لذلك قد تكون الأرباح منخفضة أو غير موجودة بسبب انخفاض الإيرادات عن تكاليف مرحلة تطوير المنتج وتقديمه للسوق.
مرحلة نمو المبيعات، فبعد معرفة العملاء بمنتج التمويل واهتمامهم به يبدأ منتج التمويل في مرحلة النمو وتزيد المبيعات وينتج عن هذا تحقيق أرباح بشكل متزايد.
مرحلة تشبع السوق أو ثبات المبيعات، وفي هذه المرحلة يبدأ تزايد المبيعات السريع في التناقص حتى تصل مبيعات المنتج التمويلي لمرحلة الثبات خاصة بعد قيام المنافسين بتقديم نفس المنتج مما يؤدي إلى زيادة المنافسة وتناقص أرباح منظمة التمويل، ومعظم منتجات التمويل الأصغر في هذه المرحلة غالبا.
مرحلة تناقص مبيعات المنتج، وفي هذه المرحلة يبدأ العملاء في الإنصراف عن المنتج وتتناقص مبيعاته وبالتالي أرباحه، وفي هذه المرحلة تفكر منظمة التمويل الأصغر في تحسين المنتج الحالي أو تقديم منتج جديد.
وبناء على ما سبق فإن الإفتراض هو أن أعمار منتجات التمويل تختلف من منتج لآخر اعتمادًا فقط على حجم المبيعات والإنتاجية.
وهنا يجب الإشارة والتأكيد إن هناك عامل إضافي وهام لا يقل أهمية عن حجم المبيعات، بل قد تكون أهميته أكثر في قرار سحب منتج التمويل من السوق وهو حجم المتأخرات، فقد يكون حجم الطلب مرتفع على المنتج، ولكن يتم إيقافه لتنامي متأخرات هذا المنتج والتي تسبب تنامي خسائره، ويوضح الشكل (2) أثر المتأخرات على دورة حياة المنتج.
ويمكن وصف كل مرحلة من دورة حياة المنتج التمويلي من منظور المتأخرات كما يلي:
مرحلة تطوير المنتج، وفي هذه المرحلة لا وجود للمتأخرات؛ لأن المنتج في مرحلة التكوين أو التطوير ولم يقدم للعميل بعد.
مرحلة تقديم المنتج مع ندرة المتأخرات، كما سبق الإشارة ففي هذه المرحلة تظل الأرباح سالبة حيث لا تستطيع إيرادات المبيعات تغطية تكاليف تطوير أو تحسين منتج التمويل المرتفعة، وذلك رغم ندرة أو انخفاض المتأخرات والتي غالبا ما تصاحب المنتج الجديد أو منظمة التمويل الجديدة نظرا للحرص الشديد فى البداية على انتقاء العملاء.
مرحلة ثبات المتأخرات ( المرحلة الذهبية)، وهي المرحلة التي غالبا ما تصاحب مرحلة نمو المبيعات وهي الفترة الذهبية للمنتج، حيث ينمو الطلب على منتج التمويل الجديد وترتفع المبيعات أو الإنتاجية بشكل كبير ويصاحب ذلك ظهور متأخرات؛ بسبب زيادة عدد العملاء ولكن تظل نسبة المتأخرات ثابتة نظرا لزيادة حجم محفظة المنتج الجديد، وتمثل هذه المرحلة أزهى مراحل دورة حياة المنتج حيث يؤثر وضع المبيعات والمتأخرات بشكل إيجابي على النتائج المالية نظرا لتحقيق مسئولو الائتمان أعلى نسبة انتاجية بشكل قد يفوق المستهدفات؛ مما يؤدى لزيادة الإيرادات بنسبة أعلى بكثير من زيادة مصاريف التشغيل مع الثبات النسبي لمصروفات مخصصات خسائر القروض، لذلك تتحقق فى هذه المرحلة أعلى معدلات الربحية مع ارتفاع جودة المحفظة.
مرحلة زيادة المتأخرات مع انخفاض الأرباح، مع زيادة عدد المنافسين ودخولهم على خط تقديم المنتج الجديد تقل جودة انتقاء العملاء وجودة المحفظة مع صعوبة تحقيق أخصائي التمويل لمستهدفاتهم فى نفس الوقت، ويصاحب ذلك زيادة المتأخرات وانخفاض المبيعات أو الإنتاجية مع زيادة مصروفات مخصصات خسائر القروض وقد يصاحب ذلك أيضا تغيير نظم الحوافز لأخصائي التمويل بزيادتها؛ لتشجيعهم والمحافظة على متوسط دخل مقبول لهم، فتنخفض الأرباح عن مرحلة ثبات المتأخرات السابقة، ومعظم منتجات التمويل تستقر عند هذه المرحلة.
مرحلة تنامي المتأخرات والخسائر، فمع رغبة مسئولي الائتمان فى تحقيق مستهدفاتهم فى ظل المنافسة الشرسة تقل معايير اختيار وانتقاء العملاء خاصة إذا صاحب ذلك رغبة إدارة منظمة التمويل في المحافظة على حصتها السوقية مع ضعف الرقابة الداخلية على الائتمان وعدم ربط حوافز الإنتاجية بنتائج التحصيل بشكل مؤثر، أو عدم تأثير حوافز السداد على دخل أخصائي التمويل مما يدفعهم إلى التركيز على الانتاجية أكثر من التحصيل، وتبدأ المتأخرات في التزايد المستمر، وقد تنخفض المبيعات أو الإنتاجية رغم الحرص على تحقيقها، وحتى لو تم تحقيق المستهدفات المطلوبة فإن حجم المتأخرات المتنامي يمثل كارثة كبيرة على النتائج المالية حيث تزيد مصروفات مخصصات خسائر القروض بشكل كبير وينتج عن ذلك خسائر ضخمة قد تعرض مستقبل منظمة التمويل للخطر، وهذه المرحلة من المراحل الصعبة لمنظمة التمويل الاصغر لأن إيقاف تقديم المنتج سيؤدي لزيادة المتأخرات بشكل أعلى بسبب توقف العملاء المنتظمين عن السداد كرد فعل لشعورهم بعدم تجديد التمويل لهم، ولذلك ليس أمام المنظمة سوى إدخال تحسينات جوهرية على المنتج وعلى حوافز التحصيل وتشجيع العملاء على السداد عن طريق طرق الترويج المختلفة للتحصيل، مع التأكيد على العملاء إن هناك منتج جديد وسيتم تجديد التمويل لهم من خلاله.
وفى النهاية يرى الكاتب وينصح فى نفس الوقت منظمات التمويل الأصغر بضرورة التوجه لتقديم منتجات جديدة وتحسين المنتجات القائمة، مع استخدام مفهوم دورة حياة المنتج؛ لإتخاذ القرارات المناسبة الخاصة باستمرار منتجات التمويل الأصغر أو سحبها من السوق.