شريفة بنت راشد القطيطية
في زاوية الغرفة، هناك، لمحت خيطا مهترئا من شرايين معلقة، أجل فلها ان تعلق إن كانت فاسدة، شممت رائحة الفضول وانا بكل تثاقلي أقترب وأعد لنفسي إرتفاعا لأصل تلك الزاوية البعيدة، أتمالك نفسي وامد يدي، أعد وامد واتراجع، افكر عشرا قبل مجيء الجسارة من عتبة البيت لتدخل على هامتي وأنا أعلق نفسي لأكتشف المعلق في غرفتي، أهدأ قليلا وأبتسم وأتغاضى عن فضولي وأعود أرفع يدي، لم تبقى اي رشفة من مبسمي ولم اتذوقها وأغمضت عيني لافتحها وأجدك محنطا قلبك في زاويتي وابتهج، عودت نفسي ان أرى جثمان حبي كل ليلة يتقاذفه الشعور وهو أسيرك، ولكنها نهايتك جاءت على يدي .
عيناك أخذتهما لطرف حافة الوقت وأعددت لهما مأدبة عشق، وتركتهما يرتقبان حماقتي التي أشعر بها تطوق مسام عزلتي، أتعرف كم كنت اتعهد أنني لو رأيت خيالك ستشهد حروبا لم تكن تحسب لها حسابا، وستنتشر اجزاؤك في ثنايا يدي وسأقهرك، تعلمت الهدوء حين كنت محدقة في سقف غرفتي وبقاياك عالقة فيه وأنا أرسم خططا لأنال منك كجندي وجد نفسه في معمعة وتوسد أضلعه، وترك لعقله التصرف .. القلب خانك هذه المرة لم يعد يشفع لمتخاذل يعلق بقاياه في زاوية الغرف .
عدت لتثاقلي وإهتراء أجزائي وكونت من إرتفاعي سراديب عتمة وجررت أقدامي لموقع الحرب فأرتميت في سرير غائر بالعبث ومتواطيء مع الشرود، وقصصت على مخيلتي عشر قصص أولها أنت وٱخرها صمتي، كيف يأتي همسك الغبي ويدخل سمعي وكيف أشعر به وخفاياك منتحرة وعبقك ليلي لا يرى في الظلام، وإختصارك للبعد يترك أثره على أحداقي، يلزمني النهوض بعض الشيء لأطفيء وهجك القادم من زمن وهمي وإشتياق فرعوني مستبد لا يترك لي أنفاسا لألتقطها ولا خيار لي غير إشتهاء همسك ذلك المعتل الرديء الذي يعلق خيالاتي من أرجلها ويهديها لمعتم منعزل في ضاحية خربة ويتهجأ حروفي بشيء من الوعكة والإزدراء، كم سأفقد أعصابي إن لمحت طيفك يتجول بين أزقة قلبي .
قررت أن أهدأ، وعد أنت لذاتك وخذ كل ما يخصك من إحتياجي وإرحل، لم أعد تلك الشامية التي تقطف الخضم من التراب، ولم أعد تلك البغدادية التي تخدر لك شاي الصباح، ولم أعد تلك الحجازية السمراء لتشق الأنفس، ولم أعد تلك المأربية التي تصنع لك النبيذ لليلة عشق، عدت لنفسي شهلاء ونجلاء وشذية أطرق باب القلوب بجمالية الكلمة واعد من ورق الحناء خضاب ومن ليل الدجى حجاب ومن رحيلك أسقي روحي قوة ومهاب، ستكن حيث أنت لن ترقى، وستعض أطرافك ندما وأنا بهمسك لن أموت ولن أحيا، سأعود لجمال خليتي أصنع الشهد لقادم يقتات السبات بين أضلعي .
