منطقيا… ستجد من هو أفضل منك
أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
لكلّ دولةٍ سياسة وقوانين خاصّة بها، وكذلك مشاريعها التي تتناسب مع إمكانيتها، والتركيبة السكّانية فيها، ولا ننكر وجود التحدّيات من حيث نوعية المشاريع، وتوزيعها بين المحافظات، وقد تحتاج بعض هذه المشاريع إلى تطوير بما يتناسب مع التقدم الحاصل في العالم ومع متطلبات المواطنين، واحتياجاتهم. لكنّنا في نفس الوقت لا ننكر الجهود التي تبذل في هذا الجانب، فالكثير من المشاريع الاقتصادية والسياحية والتجارية تحقّقت على أرض الواقع، وكان لها مردود اقتصادي على الوطن والمواطن من غير المنطقي تجاهلها والتنكّر لها.
الكثير منّا سافر لأقطار مختلفة من العالم، وشاهد الكثير من المشاريع والإنجازات في تلك الدول، فالبعض منها يخدم الجانب السياحي، والآخر يخدم الجانب الاقتصادي، والجميل أن نقوم بالمدح والثناء على هذه المشاريع، ومن الجميل أيضا أن ننتقد هذه المشاريع ونوضح جوانب القصور فيها، فلا توجد مشاريع تكاملية بكل جوانبها، ولكن توجد مشاريع مكتملة الصورة في أغلب الأحيان، والعجيب في الموضوع أن ياتيك شخص ويمتدح مشاريع وخدمات تلك الدولة بصورة فيها الكثير من المبالغة، ويقارنها بما هو موجود من مشاريع وخدمات بالبلد، وينسف كل المشاريع والأعمال الموجودة هنا، وكأنّه يعيش في أرض قاحلة، وفي نفس الوقت لم يجلس هو في تلك الدولة أكثر خمسة أيام، فالمقارنة بهذه الصورة غير عادلة، وأنا لستُ ضد المقارنات التي يمكن أن نستفيد منها في تطوير البلد، ولكنّي أختلف مع من ينسف ويتجاهل ما هو موجود على هذه الأرض، فتوجد لدينا الكثير من المشاريع التي نعتزّ ونفتخر بها وتتماشى مع متطلبات حياة المواطن.
ونقلًا عن مجلة “بريغيته” الألمانية والتي ذكرت عدّة أسباب تؤكد بأنّ المقارنات غير عادلة إطلاقا، ومن هذه الأسباب: “دائرة المقارنات لا تنتهي فستجد دوما من هو أفضل منك، لذا فإضاعة الوقت في المقارنات مسألة غير مجدية إذ لا نهاية لها، وما يحدث في المقارنة هو أنّنا نضع نقاط ضعفنا في مواجهة نقاط قوة الآخرين، وهي معاملة غير عادلة للذات لما فيها من تجاهل نقاط القوة، والتركيز فقط على نقاط الضعف، تعتمد المقارنة على رصد نقاط قوة الآخرين الظاهرة لنا وهو خطأ كبير؛ فالسعادة الظاهرية ليست بالضرورة مؤشرا على الحالة العامة للإنسان، فمن يشغل نفسه بمتابعة أحوال الآخرين يضيع على نفسه فرصة الاستمتاع باللحظة الراهنة وما تهديها له.
الانشغال بمقارنة أنفسنا بالآخرين يؤدي لتدهور الحالة المزاجية وهو ما يظهر على الوجه، وبالتالي من يقارن نفسه بالآخرين يفقد جاذبيته، من يقع في فخ المقارنة ينسى حقيقة مهمة وهي أنّ الحياة ليست سباق مع الآخرين، فلكلّ شخص نقاط القوة الخاصة به في شخصيته، والانشغال بمتابعة أحوال الآخرين، يضيع عليك فرصة كبيرة بإبراز إظهار نقاط قوتك، يقول الأطباء: “إنّ الجهد المبذول في المقارنة مع الآخرين، يضعك تحت ضغط عصبي كأنّك في حالة منافسة دائمة، وهو أمر يعني التوتر العصبي المستمر”.