د. إنعام بنت محمد المقيمية
يختلط الأمر على الكثير من الأشخاص في مفهوم الموهبة والهواية، فقد يعتقد البعض بأن لهم نفس المعنى أو بينهما ارتباط!، وكما أوضحت في المقال السابق عن مجموعة من المصطلحات التي ارتبطت بالموهبة كالعبقرية والتفوق والذكاء، لذا وجب اليوم التنبيه عن العلاقة بين الموهبة والهواية. فقد يعتقد بعص الوالدين بأن ابنه موهوب لممارسة لعبة جماعية كلعبة كرة القدم، أو موهوب لأنه شكل الصلصال بطريقة لفتت انتباه الوالدين، وقد تكون مكررة لدى الابن بعد أن رآها من أحد زملائه قد شكلها، أو رسمة في كراسته قد نقلها، وكل ما ذكر سابقًا يعد هواية يمارسها الفرد لكسب سعادة أو تقضية وقت، أو الانخراط في وسط جماعي ممن يملكون نفس الهواية حبًا في المشاركة والتواصل الاجتماعي. إذ يمكن تعريف الهواية بأنها مجموعة من الأنشطة تمارس في أوقات الفراغ للترويح عن النفس، وهو نشاط مكتسب بعد الولادة ولا يخلق به الإنسان. أي (مكتسبة ويمكن تعلمها) كالسباحة، كرة القدم، الألعاب الرياضية، التي تهدف إلى منح الفرد القدرة على الترويح عن نفسه وسط ضغوط الحياة، لتفريغ الطاقة السلبية في أنشطة مفيدة للجسم والعقل، وإنشاء علاقات اجتماعية.
أما الموهبة هي هبة من الله يمنحها للإنسان منذ مولده ولكل إنسان موهبة تميزه عن الآخرين، وتحتاج إلى اكتشاف ثم إلى تنمية وصقل. أي (تكتشف ولا تكتسب)، كالفنون والآداب والابتكار والاختراع. وما يميز الموهبة بأنها نسخة متفردة للموهوب، فقد يرسم، وقد ينحت ويشكل بصلصال وقد يمارس لعبة رياضية لكن ليس كالأفراد العاديين، فرسمة الفنان العماني أنور الزدجالي، والشاعرة بدرية البدري، والمخترع سالم الحبسي وغيرهم من الموهوبين الذين تميزت موهبتهم بالتركيز على قدرات الأصالة والمرونة والطلاقة، أثبتت هذا الاختلاف
كما يتميز الموهوبين بصفات تميزه عن العاديين كالقدرة الإبداعية العالية، والقدرة على التحصيل الأكاديمي المرتفع، والقدرة على القيام بمهارات متميزة كالمهارات الفنية أو الرياضية أو اللغوية…إلخ وأكثر ما يميز هؤلاء الموهوبين عن غيرهم الالتزام بأداء العمل والمثابرة، وهذه أهم صفات الشخص الموهوب. ويمكن اكتشاف الموهوبة من خلال: *المعينات البيئة فتضم الأسرة الحاضنة الأولى للموهوب، والمدرسة وطرائق الكشف المستخدمة كالاختبارات المقننة، بينما تضم *المعينات الشخصية الميول والدافعية والاتجاهات وغيرها. إذا فالموهبة تعبر عمومًا عن قدرات واستعدادات فطرية تتحول إلى أداءٍ عالٍ كلما تهيأت لها الظروف المناسبة وتصبح بذلك تفوقًا في مجال أو أكثر.
ومن هذا المنبر أقول بأنه لا يصح أن نقول بداية كل موهبة هواية وهذا ما أجده على ألسنة الأغلبية، فمن خلال المقال يتضح لنا بأن لا علاقة بين الموهبة (القدرة الكامنة المتفردة) والهواية (النشاط المكتسب للاستمتاع وقضاء الوقت).
وقد أتوقع سؤال يدور في عقل القارئ بعد انتهائه من قراءة هذه المقالة: ألا يمكن الاستمتاع بالموهبة؟ سأجيب عن هذا السؤال في المقال القادم بإذن الله، وسأوضح ما علاقة الموهوبين بالاضطرابات النفسية؟
